أنشأت الهيئة الملكية لمدينة الرياض متنزه سلام، كأحد أهم المزارات الترفيهية في قلب مدينة الرياض النابض بالحركة والنشاط، ففي الرابع عشر من شهر ذي القعدة عام 1424هـ قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة الملكية لمدينة الرياض (آنذاك)، بافتتاح المشروع معلناً انطلاقة أحد أكبر المتنزهات السياحية في العاصمة.
اختارت الهيئة الملكية لمدينة الرياض موقع متنزه سلام بعناية كبيرة, نظرا لاحتياج مدينة الرياض – وتحديداً في مركزها الرئيسي – إلى متنفس طبيعي وترفيهي للمجتمع, هذا إلى جانب أهمية المساحات الخضراء والمسطحات المائية اللازمة لكسر حدة كثافة المباني والمنشآت المختلفة, إضافة إلى ما يمثله مركز مدينة الرياض من ثقل سياسي واقتصادي واجتماعي نظرا لوجود منطقة قصر الحكم التي تمثل قلب مدينة الرياض ومركزها النابض, والحضور التاريخي والتراثي لهذه المنطقة التي شهدت انطلاقة تأسيس الدولة السعودية الحديثة والتي تحتضن جامع الإمام تركي بن عبدالله وقصر الحكم وحصن المصمك، إضافة إلى كونها مركزا تجاريا مهماً، وللكثافة السكانية حولها.
يقع متنزه سلام بمحاذاة منطقة قصر الحكم من الجهة الجنوبية على مساحة إجمالية تقدر بـ (253) ألف متر مربع حيث يحده طريق الملك فهد غربا وشارع المدينة المنورة شمالا وشارع سلام شرقا وشارع الأعشى من الجنوب. وقد أقيم هذا المتنزه على أرض “مزرعة سلام” الشهيرة التي نزعت ملكيتها منذ عهد طويل لتضم إلى مرافق المدينة العامة، وكانت ملكاً خاصاً أنشئ فيها قصرٌ سكني وعدد من المباني الخدمية ومسجد يتجاوز عمره عند بداية التنفيذ سبعين عاماً وقد اشتهرت هذه المزرعة بجودة نخيلها. ونظراً للموقع الاستراتيجي لتلك المزرعة ولاحتياج وسط المدينة للحدائق والمناطق المفتوحة والمسطحات الخضراء, حيث الكثافة السكانية والعمرانية في المنطقة، فقد تقرر منذ وقت مبكر نزع ملكية المزرعة تمهيداً لتحويلها إلى متنزه عام يخدم سكان مدينة الرياض.
عندما تولت الهيئة الملكية لمدينة الرياض القيام بتخطيط متنزه سلام والإشراف على تصميمه وتنفيذه، وضعت نصب عينيها أن تقوم الفكرة الأساسية للمشروع على إيجاد متنزه عائلي متعدد البيئات، يخدم زائريه ويسمح لهم بقضاء أوقات ممتعة من خلال ما تم تزويد المتنزه به من مسطحات خضراء ومرافق عامة وملاعب للأطفال. كما يخدم المتنزه البيئة العامة للمدينة؛ وذلك بزيادة الرقعة الخضراء وإيجاد محيط بصري من التكوينات الطبيعية ليخفف من حده مظاهر العمران والكثافة المرورية.
ويعتبر هذا المشروع جزءاً مكملاً ومتناسقاً مع البرامج التطويرية للهيئة في منطقة قصر الحكم أو المشاريع الأخرى التي أشرفت عليها الهيئة كالمحكمة العامة ومقر الدفاع المدني ومسجد الشيخ محمد بن إبراهيم.
وقد وضعت الهيئة في الاعتبار أثناء التصميم الاستفادة من العناصر القائمة، فأبقت على مزرعة النخيل بالمتنزه وأضافت إليها أشجار أخرى، كما وضعت تصورات خاصة للاستفادة من المنشآت العمرانية في الموقع، والتي تتمتع بتصميم فريد وإمكانية عالية لتحويلها إلى مركز ثقافي يستوعب عدداً من الأنشطة الثقافية.
كما روعي في تصميم المتنزه الذي تشكل المسطحات الخضراء جزءه الأكبر، أن تكون لدى هذه المسطحات والمزروعات القدرة على النمو والتكاثر في ظل الظروف المناخية لمدينة الرياض، ويعتبر هذا المشروع متكاملاً مع طريق الملك فهد؛ حيث يساهم المتنزه في زيادة المسطحات الخضراء على جانبي الطريق فيخفف بذلك من مصادر التلوث المنبعث من السيارات، كما يسهم نظام تجميع المياه الأرضية في طريق الملك فهد والمكون من حوالي ألف بئر في توفير مصدر مياه كافٍ ومتدفق لري المسطحات الخضراء في المتنزه وتزويد البحيرة الصناعية باحتياجاتها من المياه.
وحرصت الهيئة الملكية لمدينة الرياض أن يقدم المتنزه باقة متنوعة من المرافق التي تسمح لمرتاديه بمزاولة أنماط مختلفة من الأنشطة الترويحية، كالألعاب المائية والألعاب الرملية، بالإضافة إلى مضامير المشي والنوافير والتكوينات المائية، فضلاً عن البيئات الطبيعية المتنوعة والحياة الفطرية التي يستقطبها المتنزه، ويكون بذلك مزاراً ترفيهيا فريداً من نوعه لكل من الأفراد والأسر.
يتكون مشروع متنزه سلام من بيئات ومناطق مختلفة يتميز كل منها عن الآخر بمزيد من الجمال والجاذبية ووتتكامل في تناسق يسهل معه الوصول بالمتنزه إلي أرقي المستويات الترفيهية والخدمية لسكان العاصمة وزائريها، وسنحاول خلال السطور التالية تقديم شرح مبسط لتلك المناطق:
يشتمل المتنزه على مجموعة من العناصر التي تدل علي حنكة وذكاء المخطط له إذ أن تلك العناصر تتكامل مع بعضها البعض من أجل تقديم نموذج فريد ومتكامل لخدمة سياحية ترفيهية راقية، وسنوضح تلك العناصر عبر النقاط التالية:
ولكي تكتمل الخدمات في المتنزه كان لابد من توفير مجموعة من الخدمات والأنشطة الملحقة والتي يمكن أن نسردها في النقاط التالية:
شرعت الهيئة الملكية لمدينة الرياض في تنفيذ توسعة جديدة لمتنزه سلام تعزز من رؤية المتنزه الرئيسية، التي تقوم على إيجاد متنزه عائلي متعدد البيئات، يخدم زائريه، ويسمح لهم بقضاء أوقات ممتعة من خلال مسطحاته الخضراء، ومرافقه العامة، وملاعب للأطفال، في الوقت الذي يخدم فيه البيئة العامة للمدينة عبر إيجاده لمحيط بصري من التكوينات الطبيعية تخفف من حدة مظاهر العمران والكثافة المرورية بالمنطقة.
وتعمل الهيئة على إنجاز مشروع التوسعة التي ستضيف إلى المتنزه مساحة تبلغ 43 ألف متر مربع، إلى جانب مساحته الحالية. وتشمل التوسعة الجديدة الأجزاء المحيطة بالمتنزه، وإعادة تصميم بعض العناصر الحالية واستخدامها لأغراض أخرى، وزيادة مساحة عناصر مختلفة من مكونات المتنزه.
ومن الجدير بالذكر أن متنزه سلام يستقطب أعداداً كبيرة من الزوار، الأمر الذي استدعى زيادة طاقته الاستيعابية، عبر توسعته من خلال نزع ملكية الأجزاء المحيطة به.