درجت الهيئة الملكية لمدينة الرياض، في كافة خططها ومشاريعها وبرامجها التطويرية، على المزج بين متطلبات الحياة الدينية والدنيوية، في مزيج يجسد التصور الإسلامي الذي يجمع في تكامل بين كل ما هو ديني وما هو دنيوي. فهذه المعالم المتناثرة في مختلف أرجاء الرياض، مدينةً ومنطقةً، مزجت بين الحفاظ على الضوابط الإسلامية في عمارة المساجد، وعلى طراز العمارة التقليدية.
يعد جامع الإمام تركي بن عبد الله الذي يعرف بـ “الجامع الكبير” أشهر مساجد مدينة الرياض، وكان ملتقىً للعلماء وطلبة العلم، وشهد أحداثا تاريخية كبيرة، وأسهب في وصفه الرحالة الأجانب.
وقد أعادت الهيئة الملكية لمدينة الرياض تشييد هذا الجامع في موقعه السابق ضمن برنامجها لتطوير منطقة قصر الحكم في وسط مدينة الرياض، على مساحة تقدر بـ 16,8 ألف متر مربع، ليستوعب نحو 17 ألف مصلٍ، وتم افتتاحه في شهر شعبان من عام 1413هـ.
ويتكون هذا الجامع من مصلى رئيسي للرجال وآخر للنساء، وسرحة خارجية تبلغ مساحتها 4,8 آلاف متر مربع، ومكتبتين إحداهما للرجال والأخرى للنساء مساحة كل منهما 325 متراً تقريباً، كما يحتوي على سكن للإمام والمؤذن، ويشمل مكاتب خاصة بالأجهزة الحكومية ذات الصلة، تعلو 50 محلاً تجارياً، وقد أقيم على جانبي الجامع منارتان بارتفاع 50 متراً، أستُلهمَ في تصميمهما روح العمارة التقليدية، ويتصل الجامع بـ “قصر الحكم” عبر جسرين على مستوى الدور الأول من خلال “ساحة الصفاة” الواقعة بينهما، بما يحاكي ما كان عليه الجامع في السابق قبل مشروع التطوير، ورمزاً لنهج الدولة في ارتباط الحكم بالشرع الحنيف.
وقد بني الجامع من وحدات خرسانية سابقة الصب، وغطيت جدرانه الخارجية والجزء العلوي من الجدران الداخلية بحجر الرياض بينما غُطي الجزء الأسفل من الجدران والأعمدة بالرخام الأبيض، أما السقف فقد غُطي ببلاطات خرسانية تشبه المرابيع الخشبية التي كانت تغطي سقف المسجد القديم، وجهز الجامع بوسائل البث التليفزيوني والإذاعي المباشر وكاميرات تلفزيونية يتم التحكم فيها عن بعد.
وقد فاز الجامع بجائزة “أغا خان” العالمية للعمارة عام 1415هـ (1995م) خلال انعقاد دورة الجائزة في مدينة سولو الإندونيسية.
يقع “جامع الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ” في منطقة قصر الحكم، وهو أحد المساجد التاريخية في مدينة الرياض وكان بمثابة منارة للعلم والمعرفة طول عقود، وقد أعادت الهيئة تشييده في موقعه السابق على مساحة تبلغ تسعة آلاف متر مربع، ويتكون من مصلى للرجال وآخر للنساء، وصحن ورواق، إضافة إلى مكاتب لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وسكن للإمام والمؤذن، ومرافق للصيانة، ومحلات تجارية ومكتبة، ومواقف للسيارات.
وقد راعت الهيئة عند تشييد الجامع تنسيق الساحات الخارجية وممرات المشاة وأماكن الجلوس المظللة ومواقف السيارات الخاصة بالمصلين وتوفير الإضاءة اللازمة.
وقد شيد الجامع بشكل مترابط ومتجانس ومتناسق وظيفياً وعمرانيا مع أربعة برامج تطويرية نفذتها الهيئة في المنطقة، شملت “برنامج تطوير سوق الزل”، ومقر المحكمة العامة، ومقر المحكمة الجزائية، وميدان دخنة.
أنشئ “جامع الملك عبدالعزيز” لأول مرة ضمن مجمَّع قصور المربع التي شيدها الملك عبدالعزيز – رحمه الله، وظل على بنائه التقليدي حتى أعادت الهيئة عمارته على النمط الحديث ضمن برنامجها لتطوير “مركز الملك عبدالعزيز التاريخي” عام 1419هـ، لتتضمن جوانب التطوير ترميم الجامع وإعادة تأهيله بشكل كامل من الناحية المعماريّة والهندسيّة والخدمية، مع إضافة إنشاءات خدمية وحوائط جمالية تنسجم مع النمط العمراني لسائر منشآت المركز التاريخي الأخرى الذي يحتضن الجامع لتزيد قدرته الاستيعابية إلى أكثر من خمسة آلاف مصلي، على مساحة تبلغ 5540 متر مربع.
وقد نال “مركز الملك عبدالعزيز التاريخي” بمختلف مكوناته “جائزة الملك عبدالله الثاني بن الحسين للإبداع الخاص” في “حقل المدينة العربية وقضاياها ومشروعاتها العمرانية وبحوثها” وذلك في الدورة الثانية للجائزة لعام 1424هـ (2004م)، كما فاز المركز بـ “جائزة الأمير سلطان بن سلمان للتراث العمراني” في دورتها الأولى لعام 1427هـ، وفاز أيضاً بالمركز الأول والجائزة الذهبية في جانب المشاريع العمرانية، في “جائزة مؤسسة الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية” في لندن ببريطانيا لعام 1424هـ (2007م) التي تمنحها مؤسسة الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية.
شيدت الهيئة “مسجد المدي” الذي يقع في الجزء الشرقي من مركز الملك عبدالعزيز التاريخي، والمطل على شارع الملك فيصل، ويعد من أوائل المنشآت المعمارية في المملكة التي يتم فيها تطبيق التقنيات الحديثة في أساليب البناء باستخدام التربة المحلية (الطوب المضغوط).
واعتبر في تصميم المسجد تناسبه مع المستوى العمراني الذي تتمتع به منشآت المركز التاريخي، إذ حافظ المسجد على كافة عناصر عمارة المساجد التقليدية، من وجود الفناء (السرحة) ودرج المئذنة، إضافة إلى بعض العناصر الجمالية المشابهة لـ (الحداير) في العمارة المحلية.
وقد شُيِّد مسجد المدي، على مساحة تبلغ 581 متراً مربعاً، ويستوعب 500 مصل، وتم افتتاحه في شهر شعبان من عام 1425هـ، ونال جوائز عالمية منها “الجائزة الأولى لمنظمة العواصم والمدن الإسلامية” في دورتها السابعة التي عقدت في العاصمة التركية أنقرة عام 1428هـ وذلك عن مشروعات الخدمات البلدية.
أعادت الهيئة الملكية لمدينة الرياض تشييد جامع الإمام محمد بن سعود في محافظة الدرعية على مساحة تبلغ 50 ألف متر مربع، ليستوعب نحو 4900 مصلٍ، وتم افتتاحه في شهر رجب من عام 1419هـ، ويضم محيطه مسطحات خضراء خارجية، وجلسات للنزهات العائلية، ومقراً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومواقف للسيارات، إلى جانب مكونات المسجد الرئيسية.
وقد شيد هذا الجامع لأول مرة في عهد الدولة السعودية الأولى، وقد درّس فيه الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ رحمه الله، وكان المسجد منارة للدعوة السلفية ومركز إشعاع علمي للطلاب.
كما أعادت الهيئة تشييد جامع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في محافظة الدرعية ـ والذي يرجع تاريخ إنشائه إلى فترة الدولة السعودية الأولى، واكتسب شهرته بتدريس العلوم الدينية التي كان يلقيها الشيخ، حيث كان الطلاب يتوافدون إليه طلباً للعلم من كل من الرياض والعيينة وحريملاء وعرقة.
وقد أخذ مشروع الجامع طابع العمارة التقليدية في الدرعية القديمة، حيث احتوى على مصلى داخلي، وسرحة خارجية، وخلوة، واستحدثت إلى جواره مسقاة للوضوء، ومسطحات خضراء مطلة على وادي حنيفة، يرتادها الزوار والمتنزهون من أهالي الحي وسكان المحافظة.
يعد الجامع الكبير لإسكان موظفي وزارة الخارجية من بين أبرز المساجد التي شيدتها الهيئة في مدينة الرياض، وتقدر مساحته بـ 1010 متر مربع ويمكنه استيعاب أكثر من 1000 مصل، وقد نال بدوره، ضمن مشروع المجمع السكني لموظفي وزارة الخارجية بالرياض، “جائزة مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب” عن تميز تصميمه وإبراز السمات الثقافية والبيئية في هياكله العمرانية وسط محيط يتوفر على المتطلبات الدينية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والترفيهية.
في الجانب الغربي من المدينة، شيدت الهيئة جامع حي السفارات الكبير إلى جوار ساحة الكندي المفتوحة، على مساحة 5830 متر مربع بما يستوعب خمسة آلاف مصل، وقد فاز الجامع بـ “جائزة ندوة عمارة المساجد” التي قدمتها جامعة الملك سعود في شوال 1417هـ، فيما فاز حي السفارات الذي نفذته الهيئة بـ “جائزة أغا خان للعمارة المتخصصة عام 1410هـ (1990م)، و “جائزة المشروع المعماري لمنظمة المدن العربية” في دورتها الثالثة عام 1410هـ (1990م) التي عقدت بمدينة الرباط في المغرب.
تم بناء جامع الملك عبدالعزيز بمدينة الخرج على الطريق الرئيسي المؤدي إلى مدينة الرياض ويقع المشروع على أرض مساحتها 11,000 متر مربع وسط المنطقة التجارية في الخرج حيث الكثافة السكانية. ويتسع الجامع لحوالي 2300 مصلٍ، ويشتمل على مصلى للرجال وآخر للنساء وسرحة مغطاة بالرخام ومظللة بأشجار النخيل ومكتبة ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وسكن للإمام وآخر للمؤذن وساحة عامة إضافة إلى الممرات المسقوفة حول المسجد ومواقف للسيارات لخدمة المصلين ومرتادي السوق، كما يعلو الجامع منارتان متناسقتان يبلغ ارتفاع كل منهما 38 متراً مربعا.
يقع مشروع الجامع على أرض مساحتها الإجمالية 3360 متراً مربعاً ويتكون من عدة عناصر هي: المسجد وسكن الإمام وسكن المؤذن ويشتمل المسجد على قاعة الصلاة الرئيسية الخاصة بالرجال وتبلغ مساحتها 1030 متراً مربعاً وقاعة أخرى للنساء بالإضافة إلى سرحة خارجية وصالة لتحفيظ القرآن، إلى جانب الخدمات والمرافق الخاصة به والتي تشمل أماكن للوضوء ودورات مياه منفصلة للرجال وأخرى للنساء وغرفة الجنائز.
ويتمثل الوضع الداخلي للمسجد في وجود عدد من الفتحات في الحوائط والسقف لتوفير الإضاءة الطبيعية خلال النهار وذلك حرصاً على توفير استهلاك الطاقة الصناعية، ويمكن الوصول للمسجد عبر السرحة الخارجية التي تشتمل على ثلاثة مداخل مطلة على الشوارع المحيطة به، وقد وزعت على أطراف السرحة التي تبلغ مساحتها 605 أمتار مربعة مصلى للنساء وصالة لتحفيظ القرآن وسكن الحارس ودورات المياه والمستودعات وتتوسط السرحة عدد من أشجار النخيل تمنح الظلال وجمال المشهد لرواد المكان.
أسس البناء الحديث لجامع الأمير تركي بن أحمد السديري في محافظة الغاط – تبعد مسافة 230 كيلو متراً من مدينة الرياض – على مقربة من أرض الجامع القديم الذي تقرر إزالته نظراً للأضرار الإنشائية التي تعرض لها مبناه والتي استوجبت الإزالة. وحظي الجامع خلال مراحل إنشائه بمتابعة حثيثة من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز.
وأخذت الهيئة الملكية لمدينة الرياض في تصميم الجامع بعدد من الاعتبارات الضرورية لضمان تحقيق أكبر قدر من الوظائف التي يضطلع بها الجامع، وعلاقته بالجوار المحيط، وضمان جودة الإنشاءات وبساطتها لتخفيض متطلبات الصيانة وإطالة عمر منشآت الجامع نظراً لبعده عن المراكز الصناعية وأسواق مواد البناء الكبرى.
ويتكون الجامع من عناصر العمارة للمساجد المحلية المتمثلة في المصلى الرئيسي والسرحة الخارجية والمنارة ذات الدرج الخارجي إضافة إلى المرافق الخدمية. أما بقية العناصر الوظيفية في الجامع مثل دورات المياه ومغسلة الموتى ومكتب الإمام والمخازن فهي متصلة بالجامع مع توجيه مداخلها حسب احتياج الحركة المرغوبة، وأضيف إلى السرحة مظلات قابلة للحركة لاستيعاب أعداد المصلين في الجمع، وباتصال فراغات الجامع ببعضها يستوعب حوالي 2000 مصلٍ إضافة إلى مصلى النساء. ويحيط بعناصر الجامع الوظيفية رواق يوفر ممراً للمشاة، كما يسهم في إحداث التناسق البصري بين عناصر الجامع المنحرفة – لاتجاهها نحو القبلة – عن بقية نظام التقسيم الشبكي للمحلات والشوارع والممرات المحيطة.
وتمتد قائمة المساجد التي شيدتها الهيئة لتشمل عشرات المساجد داخل مدينة الرياض وفي محافظات منطقتها، فمن بينها على سبيل المثال: مساجد منطقة ابن موسى ومنطقة أبي بكر الكرخي ومنطقة ابن زهر ومنطقة أبي الوفاء البوزجاني في حي السفارات، ومسجد الإمام فيصل بن تركي على شارع الثميري بجوار قصر (المصمك) الأثري، وجامع الملك فهد في حي الملز، ومسجد ابن قباعب بجوار المحكمة العامة في الرياض، وجامع الملك سعود بالناصرية.