يمثل طريق الملك فهد أحد المحاور الرئيسية لشبكة النقل في مدينة الرياض، وأهم طريق رئيسي يربط شمال وجنوب المدينة بوسطها. ويساهم هذا الطريق بفاعلية في إنجاح جهود الهيئة الملكية لمدينة الرياض الهادفة إلى إنعاش وسط المدينة وتأهيله ليستمر في أداء دوره كمركز سياسي وإداري وتجاري رئيسي للمدينة حيث يزيد حجم الحركة المرورية على هذا الطريق عن 400 ألف مركبة في اليوم.
قامت الهيئة الملكية لمدينة الرياض في إطار برنامجها للتطوير العمراني بتخطيط وتصميم وتنفيذ الجزء من الطريق الممتد بين شارعي المعذر وعسير بطول 5,1 كيلومتراً. وقد راعت الهيئة أثناء العمل في الطريق المتطلبات الوظيفية والبيئية والجمالية، فقامت بتصميمه على هيئة نفق مفتوح تلافياً لتقسيم المدينة عضوياً وبصرياً إلى جزأين شرقي وغربي، إضافة إلى حماية المناطق المحاذية من الضوضاء والتلوث الناجمين عن حركة المرور السريع.
كما روعي في تصميم هذا الطريق الموازنة بين حركة المرور المتجهة لوسط المدينة وحركة المرور العابرة لهذه المنطقة، حيث صمم الطريق بمستويين مختلفين أحدهما لحركة المرور السريع والآخر لطرق الخدمة، مع إيجاد عدد كاف من نقاط الدخول إلى الجزء الرئيسي من الطريق والخروج منه بواسطة مداخل ومخارج صممت بطريقة مبتكرة حيث تتقاطع هذه المداخل والمخارج فراغياً دون الحاجة إلى تداخل حركات المرور المتنقلة بين المسار السريع ومسار الخدمة للطريق ما يرفع مستوى السلامة المرورية ويزيد من انسيابية الحركة المرورية. وكذلك روعي في تصميم الطريق سهولة دخول الشوارع الرئيسية العرضية المتقاطعة مع الطريق والخروج منها، إضافة إلى مراعاة تسهيل حركة المشاة على جانبي الطريق. وقد تم تنسيق المواقع على طول الطريق برؤية هندسية راقية تؤكد المنهج الحضاري في التصميم والتنفيذ.
كما تم تجهيز الطريق بالبنية التحتية اللازمة لتطبيق نظم الإدارة المرورية المتقدمة حيث تم توفير مسارات مخصصة لشبكة الاتصال المستقبلية ، بتقنية الألياف البصرية، على امتداد كامل الطريق، تحت الجزيرة الوسطية وتحت الشريط الفاصل بين مسار الخدمة والمسار السريع على طرفي الطرق، كما تم تجهيز الطريق بمنافذ مناسبة للوصول إلى مسارات شبكة الاتصالات.
يبلغ عرض الطريق حوالي (95) متراً، وقد أنشئ الجزء الرئيسي منه على هيئة نفق مفتوح منخفض عن سطح الأرض بحوالي ثمانية أمتار. ويتسع هذا النفق الذي يبلغ عرضه (40) متراً لثلاثة مسارات في كل اتجاه بالإضافة إلى مسارات للطوارئ وجزيرة وسطية. ويحد النفق من كل جانب طريق خدمة يبلغ عرضه (15) متراً ويتسع لثلاثة مسارات على الأقل حيث يزداد عدد المسارات بالقرب من تقاطعات الطريق مع الشوارع العرضية، ويفصل طريق الخدمة عن النفق جدران مساندة يبلغ مجموع أطوالها ثمانية كيلومترات تقريبا يتخللها (16) مدخلا ومخرجا من وإلى الجزء الرئيسي من الطريق. ويمتد على طول الطريق رصيفٌ خُصص جزءٌ منه يتراوح عرضه بين متر ونصف ومترين لحركة المشاة، ويفصل بين هذه المساحة الخاصة بالمشاة وطريق الخدمة شريطٌ طولي منسق ومشجر.
وتجمل الطريق في بعض المواقع مساحات خضراء تشكل حدوداً فاصلة للطريق وتحمي المناطق المجاورة له من الضجيج والتلوث.
وتمتد عبر النفق عند تقاطع الطريق مع كل من شارع الوشم وشارعي الملك سعود وعمرو بن العاص وشارع الإمام فيصل بن تركي وشارعي الإمام تركي بن عبد الله والإمام محمد بن سعود وشارع آل ريس، خمسة جسور بمستوى سطح الأرض لتيسير حركة المرور المتجهة شرقاً وغرباً على هذه الشوارع، بالاضافة إلى جسر فوق سطح الأرض باتجاه شرق-غرب على امتداد شارع الوشم.
تمت عملية إنارة النفق المفتوح حسب المواصفات العالمية التي تراعي وضوح الرؤية وعدم حدوث انعكاسات ضوئية ضارة، وقد استخدم لذلك أعمدة إنارة ارتفاع كل منها عشرون مترا وطول المسافة بين كل عمود وآخر سبعون مترا، كما استخدم لإنارة الأجزاء المغطاة من النفق خمسة صفوف من وحدات الإضاءة، وتم تكثيف الإنارة عند مداخل النفق لمقابلة ضوء الشمس في النهار، أما طرق الخدمة فقد استخدم لإنارتها أعمدة يبلغ ارتفاع كل منها اثنا عشر مترا وطول المسافة بين كل عمود وآخر خمسة وثلاثون مترا.
أما التهوية، فقد تم تجهيز النفق الواقع بين شارعي الإمام تركي بن عبد الله والإمام محمد بن سعود بثلاث مراوح شفط في كل اتجاه لضمان تنقية الهواء نظرا لطول النفق المغطى في هذه المنطقة.
تم تجميل طريق الملك فهد وتشجيره وتنسيق المواقع على طوله بهدف حماية المناطق السكنية المحاذية له من التلوث. وقد تضمنت هذه الأعمال غرس ما يقرب من ثمانية آلاف شجرة على طول الطريق إلى جانب العديد من الشجيرات والنباتات الأرضية.
وأبرز عناصر تنسيق المواقع على هذا الطريق هو الحديقة المقامة فوق النفق المغطى الواقع بين شارع الإمام تركي بن عبد الله وشارع الإمام محمد بن سعود والتي تبلغ مساحتها حوالي (12000) متر مربع، وتنتشر عشرة متنزهات صغيرة على جانبي الطريق، مزودة بأماكن للجلوس ومساحات مغطاة بالنجيل الأخضر ومسطحات مائية ونوافير وأماكن للعب الأطفال. وتروى هذه المساحات الخضراء بجزء من المياه الأرضية التي تتم تنقيتها في محطات مقامة في الموقع.
قامت الهيئة الملكية لمدينة الرياض بعمل نظام متقدم لإدارة وترشيد الحركة المرورية على طريق الملك فهد باستخدام أنظمة التحكم الالكتروني والتقنيات الحديثة من أجل توفير سبل ووسائل لتأمين سلامة وسهولة الحركة المرورية على الطريق.
ويستطيع هذا النظام تقصي الحركة المرورية على طول الطريق وفي مداخل ومخارج الجزء الرئيسي منه بواسطة متحسسات إلكترونية وكاميرات تصوير خاصة ترسل المعلومات المستقصاة بشكل فوري ومنتظم إلى الحاسب الآلي المركزي ليتم تحليلها وتقييم الوضع على الطريق ومن ثَم يتم اتخاذ القرارات المرورية المناسبة لتيسير الحركة وفض المشكلات التي قد تنجم عن حركة السير، أو وقوع البعض في الأخطاء، كما يتم التحكم في توقيت الإشارات الضوئية على طرق الخدمة.
وُضع في الاعتبار أثناء أعمال الحفر الخاصة بنفق طريق الملك فهد ضرورة إنشاء نظام لتخفيض منسوب المياه الأرضية في وسط مدينة الرياض، فقد كانت هذه المنطقة تعاني من مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية الذي وصل إلى مستوى قريب جداً من سطح الأرض.
فتم إنشاء أكثر من ألف بئر بأعماق تتراوح بين ثمانية وعشرة أمتار لسحب المياه المتجمعة في الشقوق والكهوف الصخرية إلى أربعة مصارف أفقية متوازية مجموع أطوالها عشرون كيلومترا، ومن ثم إلى محطتين لتجميع وتنقية المياه.
وقد قام هذا النظام بصرف كميات كبيرة من المياه الأرضية والسطحية في مجاري وقنوات السيول في المنطقة، كما تمت الاستفادة منها في ري مزروعات هذا المشروع والمشاريع المجاورة مثل مركز الملك عبد العزيز التاريخي.
شكل تحويل خطوط المرافق العامة التي تخدم وسط المدينة والممتدة تحت طريق الملك فهد أو عبره، وإعادة إنشاء هذه المرافق إحدى أكبر الصعوبات التي تم التغلب عليها أثناء تنفيذ المشروع نظرا لوجودها في واحدة من أقدم مناطق مدينة الرياض.
لقد تم نقل الخطوط التي تمتد تحت الطريق إلى مواقع مؤقتة أثناء تنفيذ المشروع ثم أعيد بناؤها بشكل دائم حسب المسارات الجديدة التي حددت لها على الطريق، أما الخطوط التي تمر عبر الطريق فقد تم تثبيتها أسفل الجسور حتى تم إعادة مدها في المواقع الجديدة.
وتضافرت الجهود لإتمام هذا الإنجاز وتنفيذ هذه الأعمال بالتنسيق مع الأجهزة المعنية، حيث اتبعت الهيئة الملكية لمدينة الرياض في ذلك منهجا نموذجيا للتنسيق في تنفيذ المشاريع الحيوية؛ إذ بدأت عملية التنسيق منذ بداية مرحلة التخطيط والتصميم، واستمرت أثناء التنفيذ، بالرغم من تعدد الجهات المشاركة تبعا لتعدد المرافق.
وضعت الهيئة الملكية لمدينة الرياض عددا من الأنظمة الخاصة بالبناء على جانبي طريق الملك فهد، وتهدف هذه الأنظمة إلى تشجيع تطوير الأراضي المحاذية للطريق بحيث تتلاءم مع أهميته وترفع من المستوى العمراني والمعماري للمنطقة، إلى جانب تأمين سلاسة حركة المرور واتصال حركة المشاة، وتشمل هذه الأنظمة ضوابط استعمال الأراضي وضوابط معمارية وعمرانية وأخرى لحركة المشاة ومواقف السيارات وحركتها.
وتتسم هذه الأنظمة بالمرونة وتقليل قيود التصميم لإتاحة الفرصة للإبداع والابتكار في تصميم المباني والمنشآت، والاكتفاء بالحد الأدنى من الضوابط التي تصون المصالح العامة وحقوق الآخرين وتضمن عدم تجاوز حجم البناء لسعة المرافق العامة المتوفرة في المنطقة.
كلفت الهيئة الملكية لمدينة الرياض فريقا من مهندسيها لتولي مهام إنجاز المشروع وذلك للقيام بإبرام العقود مع المقاول الرئيسي ومقاولي الباطن لضمان تنفيذ المشروع وفقا للمواصفات القياسية والتحكم في تكلفته والبرامج الزمنية لمراحل التنفيذ المختلفة، كما تولى فريق العمل مهام الاتصال مع موردي المواد المختلفة المستخدمة في عمليات الإنشاء، وتيسير مهام الموردين وتذليل العقبات التي قد تنشأ لسبب أو لآخر.
هذا بالإضافة إلى مهام إعادة التصاميم الإنشائية لبعض عناصر الطريق مثل جسور التقاطعات وغيرها من الأعمال التي ساهمت في تخفيض تكاليف المشروع وتيسير حركة العمل مما كان له أكبر الأثر في الانتهاء من المشروع قبل ستة أشهر من الموعد المحدد بالعقد.