قام صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، رئيس اللجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية، صباح الاثنين 11 صفر 1437هـ، بزيارة تفقدية لمشروع تطوير حي الطريف الأثري الذي تنفذه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ضمن برنامج شامل لتطوير الدرعية التاريخية، يهدف إلى إعمارها وتحويلها إلى مركزٍ ثقافي سياحي عصري على الـمـسـتوى الوطـني، ووضعها في مصاف المدن التراثية العالمية.
كما ترأس سموّه خلال الزيارة، الاجتماع الثامن عشر للجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وصاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله بن عبدالرحمن محافظ الدرعية، والذي عقد في إحدى القاعات المتحفية بحي الطريف، وافتتح مبنى محافظة الدرعية الجديد، الذي تم تشييده ضمن البرنامج.
وفي تصريح لوسائل الإعلام عبر سمو رئيس اللجنة، عن بالغ شكره وتقديره، لقيادة البلاد الرشيدة، لما يحظى به برنامج تطوير الدرعية التاريخية، من رعاية واهتمام، مشيراً سموّه إلى أن الدرعية هي منطلق هذا البلاد، وحاضنة تاريخها المجيد، وآثارها العريقة ابتداء من الدولة السعودية الأولى.
وقال سموه ” سعدنا هذا اليوم بزيارة مشروع تطوير حي الطريف، الذي تتولى تطويره الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وانعقاد اجتماع اللجنة العليا التنفيذية لتطوير الدرعية بمشاركة جميع أعضائها، وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وصاحب السمو الأمير أحمد بن عبدالله، محافظ الدرعية”، منوهاً سموه بالموضوعات التي طرحت خلال الاجتماع، والنتائج التي توصل إليها، والتوصيات الصائبة التي صدرت عنه، والتي تحقق الأهداف المنشودة من برنامج التطوير بمشيئة الله.
وأكد سموه أن العمل في مشروع تطوير حي طريف يسير على قدم وساق، وننتظر افتتاحه خلال العام القادم 1438هـ بمشيئة الله، مشيراً إلى أن الدولة قدم كافة صور الدعم لهذا المشروع، لإبرازه بالشكل المأمول بإذن الله.
وأضاف سموه، أن الاجتماع بحث إنشاء مركز للفنون في الدرعية التاريخية، سيكون بمشيئة الله منارة ثقافية لعرض أعمال الفنانين بمختلف فئاتهم، كما سيخصص ضمن المشروع مركزاً لمنتجات المزارعين المحليين، ومركزاً أخر للأسر المنتجة، إضافة إلى تخصيص محلات للحرف التقليدية والصناعات التراثية، وذلك في إطار العناية بالأنشطة التراثية وتنميتها في المواقع التاريخية بالمنطقة.
وعن دور القطاع الخاص في تطوير حي الطريف، قال سموه: أتحنا الفرصة للقطاع الخاص في مواقع متعددة من برنامج تطوير الدرعية، سيعلن عنها في القريب العاجل بمشيئة الله، ستساهم في توفير العديد من الفرص الوظيفية للمواطنين.
من جانبه، أوضح معالي المهندس إبراهيم بن محمد السلطان عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، أن سمو رئيس الهيئة العليا اطّلع خلال الزيارة، على الأعمال الجاري تنفيذها في حي الطريف، بهدف إبراز قيمة الحي التاريخية، كموقع تاريخي أثري متحفي تتكامل فيه جوانب العرض ما بين الشواهد المعمارية والبيئة الطبيعية، والعروض التفاعلية والأنشطة الحية ضمن أُسس تُعنى بمفاهيم المحافظة والترميم.
ويعد حي الطريف أهم معالم الدرعية التاريخية، والعنصر الأساسي للتطوير فيها، فقد كان مقراً لسكن الإمام محمد بن سعود وأسرته، رحمه الله، ومقراً للحكم في الدولة السعودية الأولى، ويحتضن أهم معالم الدرعية وقصورها ومبانيها الأثرية، وفي مقدمتها: قصر سلوى، ومسجد الإمام محمد بن سعود، ومجموعة كبيرة من القصور والمنازل، إضافة إلى المساجد الأخرى، والأوقاف، والآبار، والأسوار، والمرافق الخدمية.
وخلال الزيارة، اطلع سموّه على أعمال تأهيل المنشآت الأثرية في الحي بعد توثيقها وترميمها، وأعمال تهيئة وتجهيز المنشآت المعمارية في الحي لاحتضان الأنشطة المتحفية والفعاليات الثقافية والترويحية، إضافة إلى أعمال تزويد الحي بالخدمات الملائمة للزوار، بما في ذلك إنشاء الطرق والممرات، وتمديد المرافق الخدمية، وتركيب الوسائل التعريفية الثقافية والإرشادية.
بعدها ترأس سمو رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، الاجتماع الثامن عشر للجنة التنفيذية العليا لتطوير الدرعية، الذي عقد في “قاعة الخيل” بجوار قصر الإمام عبدالله بن سعود في حي الطريف، حيث تابع الاجتماع سير العمل في “الخطة التنفيذية لتطوير الدرعية التاريخية” التي اشتملت على مجموعة من البرامج والمشاريع، تتولى الهيئة العُليا لتطوير مدينة الرياض تنفيذها بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، وبالتـنسيق مع محافظة الدرعية وبلديتها، وتتضمن ثلاث مجموعات من المشاريع التطويرية، هي: مشروع تطوير حي الطريف، ومشروع تطوير حي البجيري، ومشاريع الطرق ومواقف السيارات وشبكات المرافق العامة.
واطلع الاجتماع على سير العمل في مشروع تطوير حي الطريف، الذي يشتمل على 17 عنصراً، يجري تطويرها بمشيئة الله، وفق منهجية تجمع بين موجِّهات المواثيق العالمية للحفاظ على التراث العمراني، وبين مقوِّمات الحي الطبيعية والتاريخية.
وتتوزع عناصر مشروع تطوير حي الطريف، بين أعمال توثيق الوضع العمراني والإنشائي للمباني القائمة، وإجراء البحوث والدراسات التاريخية حول عناصر الحي ومرافقه، وتنفيذ شبكات المرافق العامة والبنى التحتية، والترميم الأثري للمباني المهمَّة وتأهيلها لاستيعاب الوظائف الثقافية والتراثية التي حُدِّدت لها ضمن سياق العرض المتحفي لحي الطريف، أو إبقائها كمعالم معمارية.
ويجري ضمن المشروع إنشاء خمسة متاحف في عدد من القصور التاريخية بالحي، تحكي تاريخ الدولة السعودية الأولى، تشمل كل من: متحف الدرعية، متحف الحياة الاجتماعية، المتحف الحربي، متحف الخيل العربية، ومتحف التجارة والمال، إلى جانب مركز العمارة وطرق البناء التراثية، في الوقت الذي يتم فيه توظيف الأطلال الخارجية لقصر سلوى لعروض الصوت والضوء والوسائط المتعددة، حيث ستستخدم جدران القصر كشاشات لعرض دراما بصرية قصصية تحكي قصة الدولة السعودية الأولى.
كما يجري ترميم جامع الإمام محمد بن سعود في الحي، وإعادة استخدامه كمصلى ضمن أبعاده الأصلية التي تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 2.200 متر مربع.
وسيشتمل الحي على “سوق الطريف”، الذي يتكون من 38 محلاً مخصصّة للمنتجات الحرفية والمطاعم التقليدية، إضافة إلى مركز لاستقبال الزوَّار أقيم عند مدخل الحي، ومركز لإدارة الحي يقام في قصر فهد بن سعود، تديره الهيئة العامة للسياحة التراث الوطني، وتخصيص قصر إبراهيم بن سعود كـمركز لتوثيق تاريخ الدرعية يدار من قبل دارة الملك عبدالعزيز، إضافة إلى تهيئة الممرَّات والفراغات العامة داخل الحي، ورصفها وإضاءتها بأساليب متعددة لتبرز القيمة التراثية للحي.
كما سيتم تركيب اللوحات الإرشادية والتوجيهية، وتجهيز الممرات والفراغات العامة بمتطلبات العرض المتحفي والخدمات اللازمة للزوَّار كالاستراحات المرتبطة بمسار حركة وسائل النقل الداخلية بالحي، ودورات المياه ومصادر مياه الشرب، مع الأخِذ في الاعتبار خصوصية الحي العمرانية والتراثية، وما يناسبه من تجهيزات تتوافق مع متطلبات الحفاظ على المواقع التراثية والثقافية.
وقد جرى ربط حي الطريف بحي البجيري عبر “جسر الشيخ محمد بن عبدالوهاب” الذي أقيم على ضفاف وادي حنيفة بطول 75 متراً، وتميز بتصميم منحني ينقل الزوَّار مباشرةً من ساحات مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في حي البجيري، إلى مركز استقبال الزوار في منطقة “قوع الشريعة” بحي الطريف، المجاورة لقصر سلوى، وقد خصَّص الجسر لحركة المشاة فقط، إضافة إلى سيارات الطوارئ وكبار الزوار.
كما اطلع الاجتماع على مشروع تطوير البجيري، الذي دشّنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أيده الله، في مساء الخميس 20 جمادى الآخرة 1436هـ، بعد أن أنهت الهيئة العُليا، تنفيذه مما ساهم بفضل الله، في إبراز قيمة الحي الثقافية، وتطوير منشآته الثقافية والعمرانية، حيث يتّسم الحي بقيمته التاريخية منذ أن كان مقراً لسكن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وأسرته، إضافة إلى ما يتميز به الحي من موقع استراتيجي مميز لتوسطه الدرعية التاريخية وكونه المدخل الرئيسي لحي الطريف، وإطلالته المميزة على وادي حنيفة.
وبحمد الله، أصبح حي البجيري منذ افتتاحه، الوجهة الترويحية المفضّلة لسكان الرياض وزوارها من داخل المملكة وخارجها، طوال أيام السنة وبشكل خاص خلال مواسم الأعياد والإجازات، وشهد الحي إقامة العديد من الاحتفالات الدينية والوطنية، وتنظيم العديد من الفعاليات والأنشطة الثقافية والترويحية والبرامج الإعلامية والفنية، شارك في تنظيمها العديد من الجهات الحكومية والخاصة، وحظيت بإقبال كبير من الزوار.
وقد اشتمل مشروع تطوير حي البجيري، على إنشاء منطقة مركزية تحتضن معظم فعاليات الحي المفتوحة وخدماته التجارية، ومن أبرز مكوناتها: “ساحة البجيري” التي تبلغ مساحتها الإجمالية 3200 متراً مربعاً، وتحتوي على مجموعة من المحلات التجارية، جرى تشغيل 25 منها حتى الآن، فيما يتم تشغيل 12 محلاً ومجموعة من الأكشاك في القريب العاجل بمشيئة الله.
كما احتوت المنطقة على مكتب الخدمات الإدارية ومركز المعلومات، ومجموعة من الجلسات المطلة على حي الطريف ومتنزَّه الدرعية البالغة مساحته 60 ألف متر مربع، والذي يشغل منطقة الوادي الواقعة بين حي الطريف وحي البجيري، ومواقف السيارات التي تقع أسفل الساحة وتستوعب أكثر من 230 سيارة.
وتضمنت مشاريع الحي، إنشاء مقر “مؤسسة الشيخ محمد بن عبدالوهاب الثقافية” التي تهدف إلى التعريف بدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب، رحمه الله، وتأكيد دور المملكة القيادي في العالم الإسلامي وتعميقه، ويضم مقر المؤسسة عدد من العناصر والوحدات، والمكتبات، إضافة إلى قاعة تذكارية تقدم الدعوة الإصلاحية في عرض متحفي هادف ومشوّق.
كما جرى ضمن المشروع ترميم جامع الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي كان يؤُمُّه، رحمه الله، ويلقي فيه دروسه وتبلغ مساحته 2000 متر مربع، إلى جانب ترميم مسجد الظويهرة وتأهيله وتهيئته لإقامة الصلوات فيه والذي تم على نفقة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، وتبلغ مساحة المسجد 700 متر مربع.
واطلع الاجتماع، على مشاريع الطرق ومواقف السيارات وشبكات المرافق العامة، التي شكّلت العنصر الثالث من الخطة التنفيذية للتطوير، وشملت في جانب مشاريع الطرق إنشاء كل من: “ميدان الملك سلمان بن عبدالعزيز” الذي تنتصب في وسطه سارية لأكبر علم في المملكة بارتفاع 100 متر، وشارع الإمام محمد بن ســعود، وشــــــارع الإمـــام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، وشارع الأمير سطام بن عبدالعزيز، وطريق قريوة وهو من أقدم الطرق المؤدية للدرعية التاريخية، وطريق وادي حنيفة وهو الطريق المار عبر مجرى وادي حنيفة ضمن حدود الدرعية التاريخية، ويتميَّز عن بقية طرق وادي حنيفة بأعمال التشجير والرصف والتنسيق البيئي، فيما شملت شبكات المرافق العامة مدّ شبكة للمياه بطول 7.375 متراً، وشبكة للصرف الصحي بطول 1185 متراً، وشبكة لتصريف مياه السيول بطول 5.095 متراً، وشبكات لإنارة الطرق بطول 15.435 متراً.
كما امتدت الخطة التنفيذية لبرنامج التطوير، لتغطي عدداً من أعمال التطوير العام داخل نطاق حدود الدرعية التاريخية، بهدف رفع مستواها الحضري، وتعزيز التطوير القائم في عناصر البرنامج، مع الأخذ في الاعتبار، توافقها مع الطابع العمراني لبرنامج التطوير، حيث جرى في هذا الإطار تنفيذ عدد من المشاريع من قبل الهيئة العليا والجهات الحكومية ذات العلاقة، ومن أبرز هذه المشاريع:
تطوير جامع الإمام محمد بن سعود.
كما استعرض الاجتماع، الأنشطة الاستثمارية المتاحة للقطاع الخاص في الدرعية التاريخية، والتي تتنوع بين دور الضيافة التراثية، والمراكز والمعارض الفنية، ومحلات الهدايا والمنتجات التراثية، وصناعة الحرف التقليدية، إضافة إلى المطاعم والمقاهي، ومحلات بيع المأكولات والمشروبات الشعبية، إضافة إلى المنتجات الزراعية المحلية، ومنتجات الأسر المنتجة.
كما أقر الاجتماع ضوابط التطوير للمزارع المحيطة بحي البجيري، وذلك بهدف تحقيق التكامل في التطوير العمراني، بين حي البجيري والمزارع المجاورة له، ورفع مستواها الاقتصادي، وتحسين عوامل جاذبيتها الاستثمارية، بما ينسجم مع أهداف برنامج تطوير الدرعية التاريخية.
وفي ختام الزيارة، قام سمو رئيس اللجنة، بافتتاح مبنى محافظة الدرعية الذي جرى تطويره ضمن مشاريع برنامج تطوير الدرعية التاريخية، والذي مثّل أحد المعالم البارزة في مدخل الدرعية التاريخية.
وقد أقيم المبنى الجديد في الموقع الحالي للمحافظة، على مساحة إجمالية بلغت 7200متراً مربعاً، وتم تصُميِّم المبنى بالاعتماد على مفردات العمارة المحلية، وبطابع يعكس عالمية الدرعية، ويتكوَّن المبنى من دورين، ومواقف للسيارات، واشتمل على أعمال الزراعة وتنسيق المناطق الخارجية.