رأس صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز، الاجتماع الحادي عشر للجنة العليا لحماية البيئة بمدينة الرياض الذي عقد مساء الأحد 26 ذي القعدة 1435هـ في مقر الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بحي السفارات.
وفي بداية الاجتماع، وجّه سموه شكره لجميع الجهات المشاركة في اللجنة، على ما تحقق من إنجازات، وحثّها على بذل المزيد من الجهود وتخطي العوائق والعقبات الإدارية والفنية لتحقيق التطلعات المرجوة فيما يتعلق ببيئة منطقة ومدينة الرياض.
كما دعا سموه، إلى الحزم في معالجة الأنشطة المخالفة والعشوائية المضرة ببيئة المدينة، مع تكثيف توعية المجتمع بالأضرار التي تحدثها هذه الأنشطة على الصحة العامة في المدينة، مشيراً إلى أن الآمال تتجاوز معالجة المخالفات البيئية، إلى تطوير البيئية واستثمارها بما يعود بالنفع على المنطقة وسكانها.
وأشاد سموه بالمشاريع البيئية الكبرى التي شهدتها المدينة، وعلى رأسها مشروع التأهيل البيئي لوادي حنيفة، الذي أعاد الوادي إلى وضعه الطبيعي لمصرف دائم لمياه الأمطار والسيول، وطور بيئته ليكون أكبر متنزه مفتوح لسكان مدينة الرياض، منوهاً بالمشاريع الكبرى الجاري تنفيذها في هذا الجانب ومن بينها مشروع تأهيل وادي السلي.
وأثنى سموه على إصدار الهيئة العليا (دليل نباتات الرياض)، داعياً الجهات الحكومية والخاصة والمواطنين، إلى الاستفادة من التجارب والخبرات العلمية التي أوجزها الدليل في مشاريع التشجير، والتي من شأن تطبيقها الحد من استهلاك المياه، واستخدام النباتات الملائمة للبيئة المحلية.
ومن جهته، أوضح المهندس إبراهيم بن محمد السلطان عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة، أن الاجتماع ناقش مجموعة من الموضوعات واتخذ عدداً من القرارات بشأنها، شملت: متابعة سير العمل في حصر الأنشطة غير المرخصة ذات الأثر البيئي بجنوب مدينة الرياض، والمهام الجاري تنفيذها ضمن “الخطة العاجلة لمعالجة القضايا البيئية الحرجة جنوب مدينة الرياض”، والإجراءات المتخذة لتنفيذ نقل مصنع الإسمنت إلى خارج النطاق العمراني لمدينة الرياض، ونقل مصانع الحجر والرخام والجرانيت إلى المدن الصناعية القريبة من المقالع، في الوقت الذي اطلع فيه على ورقة عمل أعدتها الهيئة حول الآثار البيئية والاقتصادية الناجمة عن قطاع التعدين في منطقة الرياض، وعلى (دليل نباتات الرياض) الذي أصدرته الهيئة العليا، بهدف حصر وتوفير المعلومات اللازمة حول أنواع النباتات الملائمة لمنطقة الرياض.
وبيّن أن الاجتماع، تابع سير العمل في حصر الأنشطة غير المرخصة ذات الأثر البيئي في جنوب مدينة الرياض، واطلع على النتائج والإجراءات التي اتخذت في هذا الجانب، ومن بينها إنجاز مسح شامل لكافة المنشآت الواقعة ضمن البلديات والأحياء الواقعة في جنوب الرياض، لمُساندة أعمال اللجنة المكلفة بحصر الأنشطة والمنشآت غير المرخصة وتسهيل متابعتها.
وقد أحصى المسح، 8106 منشآت – باستثناء المنشآت الواقعة ضمن المدينة الصناعية الثانية أو المدن الصناعية الخاصة – تتوزع ما بين خمس أنواع هي: 3401 ورشة، و961 مصنع، و272 معمل، و2901 مستودع، و571 منشآت أخرى ما بين أحواش، ومكاتب، ومحلات، ومعارض، وغيرها.
وتتنوع أنشطة هذه المنشآت ما بين صناعات زجاجية، وإنتاج وتكرير الزيوت وصناعات ورقية، وبلاستيكية، وكهربائية، وكيميائية، وغذائية، وخشبية، ومعدنية، والألومنيوم، ومواد البناء (الحجر والرخام والبلك والخرسانة)، فيما تتباين الآثار البيئية لهذه المنشآت من منشأة لأخرى، وتعتبر مصانع تكرير الزيوت ومصانع قص الحجر والرخام والجرانيت والمصانع الكيميائية، الأكثر تأثيراً في تلوث الهواء والمياه والتربة عبر ما تصدره من مخلفات صناعية سائلة وصلبة خطرة.
وأشار إلى أن الاجتماع، وجّه بتصحيح وضع المنشآت المخالفة التي تم حصرها، واستكمال استصدار تراخيصها من قبل الجهات بعد إزالة المُخالفات مع إيقافها في حال عدم الاستجابة، إلى جانب استكمال اتخاذ الإجراءات المحدّدة في القرارات السابقة للجنة بمُعالجة الوضع الحالي للأنشطة في عدد من المناطق بجنوب المدينة، وإغلاق المنشآت المُخالفة والعشوائية التي تقع في مواقع غير مخصصة لنشاطها.
وطالب الاجتماع المستثمرين وأصحاب العقارات بعدم السماح بمزاولة أي نشاط في مواقع غير مخصصة للاستعمال الصناعي، ودعاهم إلى إيقاف أية أنشطة مُخالفة تقام على أراضيهم، وحملّهم مسؤولية هذه المخالفات وتبعاتها.
كما استعرض الاجتماع سير العمل في تنفيذ “الخطة العاجلة لمعالجة القضايا البيئية الحرجة جنوب مدينة الرياض”، والتي حصرت أبرز القضايا البيئية الحرجة في 11 موقعاً في المنطقة، وحددت الإجراءات المطلوب تنفيذها عاجلاً لمعالجتها، وشرعت في تنفيذها بمشاركة كافة الأجهزة المعنية في المدينة.
وتشمل هذه المواقع الجاري معالجة أوضاعها كل من: (مدفن النفايات القائم بالسلي، مكب مواد الهدم والبناء جنوب الغنّامية، مدافن النفايات المغلقة في حي النور ووادي الباقرة، محطة معالجة مياه الصرف الصحي في منفوحة، بحيرة مياه الصرف الصناعي شرق المدينة الصناعية الثانية، مدابغ الجلود، مكب الحمأة المغلق جنوب شرق الغنامية، مصنع الأسمدة بالغنّامية، محطة معالجة مياه الصرف الصناعي في المدينة الصناعية الثانية، مصنعي الإسمنت والجبس).
كما اطلع الاجتماع على الإجراءات التي تم اتخاذها لتنفيذ قرارات اللجنة السابقة الخاصة بنقل مصنع الإسمنت إلى خارج الحيز العمراني لمدينة الرياض، حيث وجّه الاجتماع باستكمال إجراءات إصدار رخصة الامتياز للموقع الجديد ليتمكن المصنع من الانتقال خارج مدينة الرياض خلال المهلة المحددة سابقاً بأربع سنوات، وأكد على تطبيق الإجراءات المطلوبة من المصنع للحد من الآثار البيئية خلال فترة بقاءه في موقعه الحالي.
وأضاف المهندس إبراهيم السلطان، بأن الاجتماع أكّد على تنفيذ القرارات الصادرة من اللجنة، بإيقاف أنشطة جلب وقص الحجر الطبيعي داخل النطاق العمراني لمدينة الرياض، وإيقاف إصدار أي تراخيص جديدة لهذا النشاط، والإغلاق الفوري لمنشآت الحجر والرخام والجرانيت غير المرخصة، نظراً لما تسببه هذه المصانع من تلوث الهواء بالغبار بشكل دائم.
كما وافق الاجتماع على البدء بتوجيه مصانع الحجر والرخام والجرانيت للانتقال من مدينة الرياض إلى المدن الصناعية القريبة من المقالع في كل من: (المدينة الصناعية بضرماء، ومدينة سدير للصناعة والأعمال، المدينة الصناعية بالقويعية، والمدينة الصناعية بشقراء)، وإعطائهم الأولوية في التخصيص للمصانع المرخصة بهذه المدن، ودراسة إيجاد مواقع أخرى كتجمعات صناعية تخص مصانع احجر والجرانيت ضمن محافظات: (المزاحمية وثادق والقويعية).
وناقش الاجتماع الآثار البيئية والاقتصادية الناجمة عن عدد من الأنشطة التعدينية في منطقة الرياض، وذلك على ضوء المذكّرة التي أعدتها الهيئة حول قطاع التعدين في المنطقة، والتي تناولت الوضع الراهن للقطاع، وأعداد وأنواع الرخص التعدينية بمنطقة الرياض، وآليات إصدار التراخيص ومراقبتها، وحصرت القرارات والأنظمة ذات العلاقة بالقطاع.
وأشارت الورقة إلى أهمية الثروات المعدنية التي تختزنها المنطقة، والتي تشكل العمود الفقري للصناعات الأساسية والثانوية، حيث أظهرت الدراسات الجيولوجية في منطقة الرياض وجود العديد من الخامات المعدنية سواء المعادن الفلزية أو المعادن الصناعية في المنطقة والتي تهيئ الفرصة لوجود صناعات أساسية هامة في قطاع مواد البناء من أبرزها مصانع الإسمنت وأحجار التكسيات (الحجر والرخام والجرانيت) والخزف ومناجم الذهب والمعادن الأخرى.
وحصرت الورقة، الأنشطة التعدينية القائمة في منطقة الرياض في كل من: الكسارات، مواقع استخراج التربة والرمل (المناهل)، مواقع مقالع الحجر الجيري الطبيعي والجرانيت والرخام، مواقع تعدين المعادن الفلزية (المناجم)، مواقع التعدين لمواد أخرى كاستخراج ملح القصب.
كما حددّت ورقة العمل، أبرز القضايا الرئيسية المرتبطة بالقطاع، ورصدت الآثار البيئية والاقتصادية الناجمة عن عدد من الأنشطة التعدينية، وخلصت إلى عدد من التوصيات الهادفة إلى معالجة وتوجيه متطلبات تطوير وترشيد الأنشطة المختلفة في هذا القطاع على المدى البعيد في المنطقة بما يُعزِّز اقتصاد منطقة الرياض ويساهم في حماية بيئتها.
كما ثمّن الاجتماع الجهود الإيجابية التي قامت بها الجهات المنضوية تحت مظلة اللجنة العليا لحماية البيئة بمدينة الرياض، بقيامها بالأدوار المناطة بها ضمن الخطة التنفيذية لحماية البيئة بمدينة الرياض، والتي اشتملت على 50 برنامجاً تغطي خمسة محاور هي: التلوث، النفايات، موارد الميـاه، الموارد الطبيعيـة والمناطق المفتوحة والحياة الفطرية، والإدارة البيئيـة.
وأكد على أهمية استمرار هذه الجهات في تطوير برامجها في مجال الإدارة البيئية، مع إعطاء تلك البرامج الأولوية ضمن ميزانيات تلك الجهات خلال خطط التنمية الخمسية، وذلك من أجل رفع مستوى منظومة الإدارة البيئية لمنطقة الرياض بما يتناسب مع حجم المدينة والأنشطة فيها.
اطلع الاجتماع على (دليل نباتات الرياض) الذي أصدرته الهيئة العليا، بهدف حصر وتوفير المعلومات اللازمة حول أنواع النباتات الملائمة لمنطقة الرياض، ووضعها بطريقة سهلة وميسرة في دليل واحد صدر باللغتين العربية والإنجليزية.
ويشتمل الدليل على وصف لـ 305 أنواع من النباتات الملائمة للمناطق الحضرية والمناطق الطبيعية والمناسبة لظروف منطقة الرياض، والتي ثبت تكيفها مع طبيعة أجوائها وظروفها المناخية، ويتضمن الدليل معلومات أساسية عن خصائص النباتات ومدى موائمتها مع الظروف البيئية المحيطة، مثل درجة تحمل الصقيع، ودرجة الجفاف والملوحة، كما يعطي الدليل نظرة عامة على النباتات المناسبة للزراعة تحديداً في مدينة ومنطقة الرياض.
وقد جرى إعداد الدليل بالاستعانة بالمراجع العلمية والخبرات المتنوعة في مجال النباتات والبستنة وتنسيق المواقع، ويستهدف المهتمين بالتشجير والتجميل واستزراع النباتات، والمخططين ومُصممي الحدائق وتنسيق المواقع، والراغبين في اختيار النباتات للمشروعات ذات العلاقة، بالإضافة إلى المهتمين في موضوع النباتات عمومًا.
وقد تم تطوير تطبيق من الدليل على الأجهزة الذكية، متاح مجاناً في المتاجر الإلكترونية المتوافقة مع هذه الأجهزة، فيما يتم نشر الدليل وتوزيعه على كافة الجهات الحكومية والجهات العلمية والبحثية داخل المملكة وخارجها، وذلك ضمن منهج الهيئة الدائم في نشر المعرفة.
ويأتي إصدار الدليل ضمن “البرنامج الشامل لإعادة الغطاء النباتي بمنطقة الرياض” الذي تقوم عليه الهيئة بهدف الحدُّ من تدهور الغطاء النباتي، وزيادة المناطق الخضراء حول المدن والمناطق الحضرية في المنطقة، والاستفادة في ذلك من النباتات المحلية، وإعادة تأهيل المناطق الطبيعية، وتنمية المناطق الرعوية، وصولاً إلى تنمية الحياة الفطرية النباتية والحيوانية على مستوى المنطقة، وخلق بيئة طبيعية يكون لها الأثر الإيجابي على المناخ الإقليمي والمحلي.