يقول بعض المؤرخين “إن بلاد نجد متحف العربية”. ذلك أن هذه البلاد ظلت طوال عصور التاريخ، في منأى عن الأطماع الاستعمارية العالمية، فسلمت من المخاطر الأجنبية التي أبتلي بها غيرها، واحتفظت بأصالتها نقية خالصة، فلم تدخل إليها عادات وتقاليد غريبة، ولم تتسلل إلى لسانها ألفاظ أجنبية. ولهذا بقيت بلاد نجد مستودع العرب الذي يصون أنسابهم ويحفظ عاداتهم وتقاليدهم الأصلية، ومكارم أخلاقهم وسجاياهم، إضافة إلى حفظ الكثير من اللغة العربية الفصحى وأصولها، مما جعل علماء الحديث النبوي الشريف والمهتمين بدراسة الأنساب والآداب العربية القديمة – وبخاصة الشعر القديم – يفدون إليها، للأخذ منها، والتلقي عن علمائها. ومدينة الرياض، قلب نجد وحاضرتها، تختصر في كيانها ومجتمعها ملامح الشخصية التاريخية التراثية العربية لبلاد نجد، في عاداتها وتقاليدها، ونظام حياتها. وقد ظلت مدينة الرياض، إلى ما قبل بداية النمو الهائل المتسارع الذي شهدته المدينة وحركة التحديث التي شملتها، محتفظة بالكثير من جذورها وملامحها التراثية التي تعكس بوضوح أصالتها وعراقتها، وبخاصة في تراثها العمراني وعاداتها وتقاليدها الاجتماعية والكثير من تفصيلات حياتها اليومية. ومع أن رياح العصر بما تحمله من مكتسبات ومنتجات التكنولوجيا الحديثة إلى المجتمعات البشرية تعصف أحياناً بالكثير من نظم الحياة المعيشية الموروثة والممارسات الحياتية اليومية في المسكن والمأكل والملبس، وفي المأثور من تقاليد الأفراح والمناسبات والعادات، إلا أن مدينة الرياض تحرص على أن تأخذ بالجديد النافع من مكتسبات الحضارة المعاصرة وتستفيد من منجزاتها دون التخلي عن الثوابت الإسلامية والسجايا العربية التي تتسم بها شخصيتها الأصيلة كحاضرة عربية إسلامية عريقة.
الأزياء في حياة الشعوب ذات دلالة خاصة، اجتماعياً وحضارياً. وكما هو معروف، فإن لكل شعب زيه الخاص به الذي يميزه من سواه، ويعكس طبيعة بيئته، وحالته الاقتصادية، ويعبر عن ذوقه العام.
وقد شاعت في الجزيرة العربية، منذ القديم، أنماط من الألبسة والثياب ظل أكثرها شائعاً ومتداولاً عند القبائل والمجتمعات السكانية في الجزيرة، إلى وقت قريب، والشعر العربي القديم يسجل أسماء هذه الألبسة والثياب حتى لا يغفل شيئاً مما كان يلبسه العربي، من رأسه حتى قدمه. وقد جعل العرب لكل جزء من اللباس الذي يستعملونه مسمى خاصاً به، فما يلبس للرأس يسمى عصابة، وعلى الوجه: خمار أو نقاب، وعلى الصدر: وشاح، وعلى الخصر: نطاق، وما تحت السرة: إزار، وما يغطي الجسم: مدرعة، وما فوق المدرع: ثوب.
وترددت في أشعر العرب أسماء لكثير من الثياب والخمر التي استعملوها مثل: الغلالة (ثوب رقيق داخلي)، المبذلة (ما يلبسه الرجل في بيته)، الميدع (ثوب يلبس ليكون وقاية لغيره كالمعطف)، المزط (ثوب من الخز ويسمى أيضا الإزار) الباعز (ثوب من الخز)، الخميلة (ثوب مخمل من صوف)، الدخدار (ثوب أبيض نفيس)، السنط (ثوب دون بطانة)، القباء (ثوب ابيض)، البخنق (خرقة تلبسها الفتاة لتغطي بها رأسها كله وعنقها)، النصيف (نصف رداء)، المقنعة (القناع)، المغجر (أصغر من الرداء وأكبر من المقنعة). وقد تطورت هذه الثياب، عبر العصور، نتيجة لانفتاح جيرة العرب على حضارات الأمم والشعوب الأخرى، في أعقاب الفتوحات الإسلامية وما نتج عنها من ازدهار اقتصادي ورفاه اجتماعي، لكنه ظل تطوراً محدوداً يلتزم بروح التقاليد العربية ويحترم القيم الإسلامية ويحرص عليها.
والمجتمع النجدي اليوم يكاد يكون المجتمع العربي الحاضر الذي تواصل فيه واتصل إليه الزي العربي التراثي العريق، حتى ليكاد المرء يجد أثواب الماضي على أجساد الحاضر بعد ان شذبتها وطورتها التقنيات الحديثة.
واللباس في نجد بسيط لا تعقيد فيه، وقد انتشر حتى أصبح يعم المملكة العربية السعودية، إذ يلبس الرجل الثوب الأبيض في فصل الصيف، والثوب المنسوج من الصوف الملون في فصل الشتاء والرأس مغطى بطاقية فوقها (غترة) بيضاء صيفاً و(شماغ) ملون أحمر شتاء. أو من الغتر المصنوعة من الصوف الراقي الأبيض أو الملون وله عدة مسميات. ويضع الرجل أحيانا (العقال) فوق الغترة. كذلك يلبس الرجال العباءة وتسمى (المشلح) أو (البشت) فوق الثوب، ويكون من النوع الرقيق في فصل الصيف، أو من الوبر والشعر والصوف السميك في فصل الشتاء. و(المشلح) هو اللباس الرسمي، وأصبح لبس النعل عاما بين جميع السكان، وهو حذاء في الشتاء مكشوف في فصل الصيف ويسمى (نعل) وأحيانا (صندل) أو (شبشب) إن كان من النوع البسيط، أما في الماضي فكان النعل المستخدم هو (الزربول) ويصنع من وبر الإبل وفي الأسفل من الجلد ويخصف بعضه مع بعض، ويسمى المداس وللنساء زربول خاص يسمى المداس أيضا يختلف في مواده المصنوعة بما يتناسب مع رقة المرأة.
أما المرأة فكانت تلبس الثوب الفضفاض فوق لباسها المعتاد للزينة حيناً وللمحافظة حيناً، ويدعى إذا كان للزينة (المسرح) ويكون مشغولاً بأسلاك الذهب ومطرز الأطراف بأسلاك الذهب (الزري) أيضاً. ويلبس في المناسبات والحفلات كالأعياد والأعراس. أما الفضفاض الذي يلبس للمحافظة وتستخدمه المرأة عند دخولها الأسواق فيكون من التيل الخفيف الأسود السادة ويدعى (المشلل). الذي يجر على الأرض، وقد حل محله ثوب ويسمى (الدراعة) أو الفستان، ويصل حتى الأرض، وهو من النوع الجميل، وتلبس فوقه العباءة التي تجر على الأرض أيضاً، وتسمى (المعصم) وغالباً ما تشغل بأسلاك الزري وهي من الصوف الغليظ الأسود الفاحم، لكنها أصبحت من النوع الرقيق والحرير الأسود.
أما الرأس فهو مغطى بقماش أسود دقيق مستطيل يدار حول الوجه ويدعى (الشيله أو الخمار)، وربما وضع على الوجه بدلا من القماش الرقيق الذي يدار حول الوجه نوع من الخمار يدعى البرقع وهو لباس عربي قديم يغطي الوجه ويبرز العينين لتبصر منه المرأة طريقها، ويكثر لبس البرقع في البادية دون الحاضرة، وهناك نوع من اللباس يغطي نصف الوجه فقط ويبرز مقدمة الوجه والعينين ونصف الأنف ويدعى اللثام وهو من الألبسة العربية القديمة والتي أستمر ارتداؤها حتى عهد قريب في البادية.
وقد كان في مدينة الرياض، إلى وقت قريب، أزياء خاصة للجنسين ذات مسميات قديمة اندثر أكثرها الآن، ولم يعد لها وجود إلا في المتاحف الرسمية أو لدى هواة التراث الشعبي،
وفيما يلي عرض لأهم وأبرز هذه الأزياء والملبوسات:
أنواع العقال وما يتبعه هي:
وهي ذات مسميات عديدة مشتقة من اسم القماش أو اللون أو التطريز أو مكان الصنع أو الغرض من استخدامها، وكان من أشهر هذه الأثواب:
المسرح: وهو من أقدم الأثواب النسائية تقريبا، وكانت النساء تلبسه في المناسبات، وهو ذو زخارف بديعة مشغولة بالإبرة واليد وأسلاك الرزي وتجلب غالبا من الهند – خارة : من الملابس النسائية القديمة التي كانت ذات شأن في الماضي، وأكثر ما يلبسها ذوو اليسار، وميزة هذه الملابس مايحليها من التطاريز ذات النقوش الجميلة الإبداعية – ثوب التلي: كان سائدا إلى وقت قريب وهو يشغل بالتلي (أسلاك الرزي المشغولة) والتنتر ويلبس في المناسبات – المعصم: عباءة نسائية كانت سائدة إلي وقت قريب، تحلي بالزري وخيوط قيطانية أيضاً من الزري، وقد اندثرت الآن وحل محلها العباءة السائدة اليوم – المجرح: ثوب نسائي سمي بذلك لأنهم يضعون به قطعا حريرية مستطيلة تحاك على أرضية قماشه، وبعضهم يسميه (ثوب جروح). – دراعة: نوع من الأزياء النسائية، وهذه التسمية كانت شائعة إلى وقت قريب، وكانوا يتفننون بزخرفة أطراف أكمام الدراعة بمادة الزري مثلما تزخرف الطواقي التي نشاهدها اليوم – بشت (خراج) حياكة الإحساء. وكان الملك عبد العزيز، رحمه الله، يوزعه على أمراء الحاضرة والوجهاء ولذا سمي (خراج) لأن الملك عبد العزيز يخرجه لهم أي يعطيهم إياه لنسائهم – بشت معيصم للفتيات – القباء: وهو من فراء الغنم حيث يغطي بدن المرأة من رأسها إلى عرقوبها، وتجر أطرافه بقطع جلدية على شكل فني بديع.
لا تختلف ملابس الأطفال عن ملابس الرجال، إلا أنها أصغر حجما، وأقل وظيفة ونوعا، وملابس الأطفال تتمثل فيما يلي: – ثوب أبيض من الدوت – ثوب مرودن صغير مطر جيبه بخيوط الحرير – ثوب ساحلي مرودن – مقطع مطرز ابريسم أي (حرير) في الجيب وفي أطراف الأكمام من اللون الأحمر و احزاء منه من اللون الأصفر – صديرية شالكي تلبس فوق الثوب – زبون صغير من القماش القطني المقلم – صديرية جوخ صوف مقلمة – دقلة جوخ – طاقية زري – طاقية أبو جنية – طاقية شالكي بشقثة – قبع قطني – قبع زري، من الصوف وله شقثة – قبع ساحلي للفقراء – قحفية للأطفال الصغار تحت سن الخمس سنوات وهي من الشالكي التي تحيط بالرأس ومكرمشة من الأمام وتتدلى منها قطعة من القماش تغطي الأكتاف وتربط من الأمام بخيطين يتدليان تحت الذقن وذلك لضم القحفية على رأس الطفل وأذنيه لتحفظه من البرد – غترة عزيزة صغيرة الحجم من قطن أصفر – غترة شماغ صغيرة تسمى محير – غترة نيسو وهي قطعة قماش من القطن الخفيف –غترة مكي – غترة ململ على اسم القماش التي تخاط به – غترة نزك.
نطع صختيان من الجلد المدبوغ الملون ويكون دائري الشكل (جلد أحمر) وهو قطعة من الجلد مدورة في أطرافه ثلاث شقثات تتدلى على شكل زينة ويلف النطع على الطفل لتحمله أمه معها أثناء الزيارات العائلية – نطع أصفر من الجلد وفيه ست شقثات – مهاد وهي قطعة من العباءات (المشالح القديمة) أو من قماش القطن الخفيف الململ – مقاط وهي حبل مفتول من الصوف أو القطن ليلف على الطفل الرضيع.