يُمثل وادي حنيفة واحداً من أبرز المعالم الطبيعية في مدينة الرياض. ويشكل هذا الوادي مصرفاً طبيعياً للمياه السطحية لمنطقة واسعة حيث تصب فيه مجموعة من الأودية الفرعية والروافد مثل: أوديةالعيينة،والعمارية، وصفار،ووبير، ومهدية، ولبن، ونمار الأوسط التي تنحدر من جهة الغرب، وكذلك أوديةالأيسن، والبطحاء، المنحدرة من جهة الشرق.
وقد تعرض هذا الوادي، خلال السنوات العشرين الماضية، إلى استغلال مكثف لموارده مما أدى إلى اختلال التوازن البيئي فيه وتدهور موارده الطبيعية.
وتقوم الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض على برنامج لتطوير وادي حنيفة بهدف المحافظة على بيئته الطبيعية وإخلائه من الأنشطة والاستعمالات المخلة بهذه البيئة، وتهيئة الوادي للقيام بوظيفته كمصرف طبيعي لمدينة الرياض، إضافة إلى الإفادة من الوادي كمنطقة ترويحية، مع تقوية الاستخدام الزراعي ورفع كفاءته، والمحافظة على الرصيد التراثي للوادي والإفادة منه. ويعتبر وادي حنيفة وروافده بين ظهرةسدحاءجنوب سدوس شمالاً وحتى منطقة بحيرات الحائر جنوباً بطول 120 كيلومتراً تقريباً وبمساحة حوالي 4 آلاف كيلومتر مربع منطقة محمية بيئياً ومنطقة تطوير خاضعة لإشراف الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.
وقد اتخذت الهيئة العليا، في السنوات القليلة الماضية، العديد من الإجراءات الهادفة إلى وقف التدهور البيئي لوادي، وذلك بالتعاون مع الأجهزة الحكومية المعنية.
من ضمن هذه الإجراءات مسح الكسارات وأنشطة نقل التربة القائمة في الوادي، دراسة الآثار البيئية الناجمةعنها،والبحثعن مواقع بديلة مناسبة لهذه الأنشطة خارج منطقة الوادي وبعيداً عن العمران، وذلك بالتعاون مع جميع الأجهزة المعنية بهذا الشأن، حيث تبين نتيجة للمسح الذي قامت به الهيئة أن الكسارات القائمة في وادي حنيفة وروافده تمثل ما نسبته 50% من إجمالي عدد الكسارات في الرياض، حيث يوجد في هذا الوادي وروافده (57) كسارة موزعة على النحو التالي:
الموقع | عدد الكسارات |
الأبيطح | 4 |
مهدية | 11 |
أوبير | 9 |
لبن | 22 |
نمار | 5 |
المنطقة الجنوبية | 6 |
ويلاحظ أن عدد الكسارات في المواقع المذكورة قد تناقص حيث أظهر الإحصاء الذي أجرته الهيئة العليا، قبل عامين، وجود أكثر من (74) موقعاً للكسارات وأنشطة نقل التربة في هذا الموقع.
تمثل أنشطة الكسارات ونقل التربة في وادي حنيفة إحدى أهم مسببات التدهور البيئي في منطقة الوادي، لما لهذه الأنشطة من تأثير سلبي على البيئة واستنزاف للموارد الطبيعية في الوادي وروافده تتمثل في تلف المعالم الطبيعية والغطاء النباتي، وتحول بعض الأودية إلى أماكن مليئة بالحفر والمستنقعات، فضلاً عن فقدانها لمقوماتها كمناطق تنزه طبيعية.
فقد تسببت هذه الأنشطة في تدمير الطبقة السطحية للتربة الرسوبية في بطون الأودية الفرعية وانتشرت في مواقع الكسارات حفر واسعة مليئةبالمياه ومجمعات المعدات الصدئة والمخلفات.
نظراً لعدم التقيد بالضوابط والشروط البيئية، فقد أدت تلك الأنشطة إلى تلوث المياه بالمستنقعات البترولية والمخلفات السائلة، وكذلك تلوث الهواء خصوصاً في الأجزاء الوسطى والجنوبية من الوادي جراء الأنشطة الصناعية والكسارات ونقل التربة وحركة المرور الكثيفة المرتبطة بهذه الأنشطة (أظهرت الدراسات التي أجرتها الهيئة العليا أن عدد الشاحنات المستخدمة في نقل التربة ومنتجات الكسارات يصل إلى 7000 شاحنة يومياً). وقد نتج عن ذلك تأثير سلبي على مستوى الإنتاج الزراعي والحياة الفطرية في الوادي.
وقد أظهرت نتائج الدراسة البيئية الشاملة التي أعدتها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، بالتعاون مع مصلحة الأرصاد وحماية البيئة، لتقويم مدى وقيمة التأثير البيئي الناتج عن المسارات في الوديان الفرعية لوادي حنيفة ما يلي:
تمت دراسة كمية الدقائق المنطلقة نتيجة تكسير الصخور موزعة حسب الوديان الفرعية (طن يوم) ” انظر الجدول أدناه”.
ولا يقتصر التأثير البيئي الضار لهذه الكسارات القائمة في وادي حنيفة وروافده على منطقة الوادي فحسب، بل يمتد هذا التأثير إلى الأحياء السكنية والمزارع المجاورة، حيث يمر وادي حنيفة بعدد من المدن والقرى مثل: الدرعية،والعيينة، والجبيلة، وعرقة،والحاير، إضافة إلى مروره بمحاذاة مدينة الرياض.
اسم الوادي | مجموع الدقائق | مجموع الجزئيات المعلقة | الجزئيات القابلة للاستنشاق |
مهدية | 69.68 | 34.84 | 6.97 |
أوبير | 27.83 | 13.92 | 2.78 |
لبن | 177.37 | 88.68 | 17.74 |
المجموع | 274.88 | 137.44 | 27.49 |
ووجود الكسارات ليس مرفوضاً بيئياً إذا توفرت المتطلبات البيئية المناسبة، لكن الأمر يختلف بالنسبة لوادي حنيفة وروافده فإنه من غير المقبول إقامة كسارات فيه حتى لو توفرت المتطلبات البيئية وذلك لأن طبيعة الوادي –كنظام بيئي شبه مغلق محاط بجبال مرتفعة شاهقة- تساهم في تقليل حركة الرياح مما يسمح للعوالق الصلبة والجزئيات أن تبقى فترة أطول.
في إطار اتجاه الهيئة إلى وقف التدهور البيئي في محيط الوادي، توطئة لتنفيذ المشاريع التطويرية الهادفة إلى إعادة تأهيل الوادي والرفع من مستوى مقوماته، فقد تم وضع سياسات عامة تكفل حماية بيئة الوادي ومعالجة وضع هذه الأنشطة.
وتشمل هذه السياسات ما يلي:
بذلت الهيئة، بالتنسيق مع الجهات المختصة، جهوداً متواصلة لمعالجة بعض نواحي التدهور البيئي في الوادي، ومنها الحد من إقامة كسارات جديدة وعدم السماح بانتقالها إلى أماكن أخرى جديدة في الوادي وروافده.
وحيث أن هذه الكسارات استنزفت الموارد الطبيعية، في مواقعها الحالية، فقط اضطر عدد من أصحاب الكسارات إلى الانتقال لمواقع خارج منطقة الوادي، حيث أظهر الإحصاء الذي أجري قبل عامين وجود أكثر من (74) موقعاً لأنشطة نقل التربة والكسارات في أودية نمار ولبن وبير والمهدية وصفاروالأبيطحوسدير. أما في الوقت الحالي فقد انخفض المجموع الكلي لهذه الأنشطة في كامل الوادي وروافده إلى (57) موقعاً. ويتم حالياً، بالتنسيق مع الجهات الحكومية ومع أصحاب الكسارات، تجهيز مواقع بديلة لهذه الأنشطة خارج مدينة الرياض، وفي مواقع تتوفر فيها المواد الخام التي تحتاجها أنشطة الكسارات، حيث يتوقع أن ينتهي قريباً تجهيز هذه المواقع وتخطيطها بعد أن أعدت لها الهيئة مجموعة من الدراسات الجيولوجية الميدانية.