تعاني عدة أحياء في مدينة الرياض من مشكلة ارتفاع منسوب المياه الأرضية. أدى إلى ذلك تسرب المياه من مصادر مختلفة إلى باطن الأرض، وتراكمها، لضعف نفاذية الطبقات الصخرية القريبة من مستوى سطح الأرض. ويسبب ارتفاع منسوب المياه الأرضية مشكلات بيئية وهندسية مثل الإضرار بالطرق والمرافق والخدمات العامة والمباني التي قد يلحق بها تشققات أو هبوط أو تأكل الخرسانة وحديد التسليح، إلى جانب تسرب المياه إلى الأقبية وتلوث خزانات المياه الأرضية. ويتفاوت حجم الضرر اللاحق بكل منشاة حسب تصميمها وتنفيذها ونوع مواد البناء وطبيعة الأرض المقام عليها. وإن كان يمكن تفادي هذه الأضرار بخفض المياه الأرضية في الموقع، إلا أن صرف هذه المياه بغير الطرق الفنية السليمة يؤدي إلى نفس أضرار ارتفاع منسوبها. تتصدى لهذه المشكلة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في إطار برنامجها لإدارة البيئة وحمايتها. وقد قامت الهيئة العليا بتشخيص هذه المشكلة، وتحديد الأسباب المؤدية إليها، والعوامل المساعدة على تفاقمها، والأضرار الناجمة عنها، والمناطق المتضررة بالمدينة، وذلك بناء على دراسات واختيارات ميدانية شاملة. وتقوم الهيئة العليا حالياً على تنفيذ برنامج علاجي شامل لهذه المشكلة يسير في ثلاثة اتجاهات: يهدف الأول منها إلى تخفيض منسوب المياه الأرضية إلى مستويات أمنة والحفاظ على هذا المنسوب عند تلك المستويات. وذلك بتنفيذ شبكات لصرف المياه الأرضية المتراكمة في باطن الأرض. ويهدف الاتجاه الثاني إلى التحكم في المصادر المسببة لارتفاع منسوب المياه الأرضية عبر سلسلة من الإجراءات المختلفة. أما الاتجاه الثالث فيهدف إلى الوقاية من الآثار المحتملة من جراء ارتفاع منسوب المياه الأرضية. ضمن هذا الاتجاه أعدت الهيئة العليا نشرات إرشادية بعنوان “نحو مسكن أفضل” لتوعية المواطنين بالطرق الفنية السليمة لإنشاء المباني لتجنيبها آثار ارتفاع منسوب هذه المياه. توضح هذه النشرات في سبعة فصول طريقة تصميم وتنفيذ الحفريات والأساسات. ونظام عزل الأساسات والأرضياتوالردميات. ونظام توزيع المياه العذبة، ونظام الصرف الصحي، ونظام تنسيق الحدائق وزراعتها، ونظام الري والصرف في الحدائق الخاصة. وقد نشرت الحلقات الخمس الأولي من هذه النشرات في الأعداد الماضية من “تطوير” وتتناول الحلقة السادسة والأخيرة. في هذا العدد. موضوع نظام الري والصرف في الحدائق الخاصة.
يدعو انتشار الحدائق الخاصة، في مدينة الرياض إلى إلقاء الضوء على أحدث أنظمة وأساليب الري والصرف التي تحقق النمو المتكامل لمختلف الأشجار والنباتات، في هذه الحدائق، والمحافظة على خصوبة تربتها، ويحقق في الوقت ذاته ـ الاقتصاد في استهلاك المياه وتقليل الفاقد منها والزائد عن الحاجة الفعلية للري، وذلك إلى جانب إلقاء الضوء على الأساليب العملية السليمة لتصريف المياه الزائدة عن الحاجة بعد عملية الري بما يضمن سلامة النباتات والأشجار والمحافظة على خصوبة التربة، وكذلك الأساليب الصحيحة لغسل التربة.
يؤدي استعمال نظام الري التقليدي بالغمر إلى ضياع جزء كبير من مياه الري الزائدة عن حاجة النباتات، إلى جانب أضرار أخرى تلحق بالنباتات والأشجار والتربة. بدلاً من ذلك ينصح باستعمال أحد النظامين التاليين في ري الحدائق المنزلية:
يمكن استعمال هذا النظام لري جميع أنواع الأشجار إلى جانب الشجيرات الكبيرة والمتوسطة الحجم. ويساعد هذا النظام على تقليل الفاقد من مياه الري حيث تتجاوز كفاءته 90 % إذا أحسن تصميمه وتنفيذه، كما يساعد على تلافي بلل أوراق النباتات مما يجنبها الأمراض الفطرية واحتراق أوراقها إذا كانت مياه الري بها نسبة ملوحة عالية. وبصفة عامة يتكون نظام الري بالتنقيط من العناصر التالية:
هذا النظام لا يناسب الظروف المناخية لمدينة الرياض، لكثرة الفاقد من مياه الري بسبب التبخر. ولا ينصح باستخدامه إلا إذا دعت الضرورة، وذلك لري المسطحات الخضراء الواسعة والنباتات الأرضية. ويفضل أن تتم عمليات الري بالرش أثناء انخفاض درجة الحرارة ليلاً، ويتألف نظام الري بالرش من العناصر الرئيسية التالية:
ويفضل أن تكون شبكة الري مدفونة في الأرض. عدا رأس الرشاش إلي يكون في مستوى سطح الأرض في بعض الأنظمة الحديثة ويرتفع أثناء التشغيل آليا ثم يعود إلى مستواه السابق بعد انتهاء عملية الري.
يعتمد البرنامج الزمني للري على الظروف المناخية وطبيعة التربة، وينصح أن تكون عمليات الري في مدينة الرياض في فترات متقاربة، وبكميات قليلة من المياه. أي يومياً في فصل الصيف ويومياً بعد يوم فيالشتاء.(راجع جدول الاحتياجات المائية لبعض النباتات والأشجار في الفصل الخامس). ويفضل أن تتم عملية الري أثناء انخفاض درجة الحرارة ليلاً لتقليل الفاقد من المياه بسبب التبخر، وإذا كان الري يتم بنظام آلي يمكن برمجته فإن الوقت الأمثل للري هو الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.
تعد عملية صرف المياه الزائدة عن الحاجة بعد ري الحدائق المنزلية أمراً ضرورياً لغسل التربة وتنظيفها من الأملاح من جهة، ولتجنب إغراق الحدائق بالمياه الزائدة عن الحاجة والتي تحول دون وصول الأكسجين إلى جذور النباتات والأشجار من جهة ثانية.
ويتكون نظام صرف المياه الزائدة عن الحاجة من أنابيب فرعية مثقبة مصنوعة من البلاستيك نوع بولياثيلينأو بي في سي. توضع هذه الأنابيب على الأرض بميل 1 % هبوط وتغطى بالرمل والحصى جيداً.
توصل الأنابيب الفرعية بأنبوب رئيسي ينقل المياه الزائدة عن الحاجة المجتمعة فيه إلى غرفة تفتيش متصلة بشبكة تصريف السيول في المنطقة. أما في حالة عدم وجود شبكة لتصريف السيول في المنطقة، فتجمع مياه الصرف في خزان أرضي وتضخ منه وتنقل إلى مكان مناسب للتخلص منها.
تتسم التربة في مدينة الرياض. في معظمها، بارتفاع الملوحة. لذلك فإن نمو النباتات نمواً جيداً يتطلب إزالة هذه الأملاح خصوصاً من منطقة الجذور.
وتتم عملية غسل التربة وتنظيفها من الأملاح، بإضافة كمية من المياه إلى مياه الري، بمقادير تتفاوت حسب الظروف المناخية، حتى تتشبع التربة بالمياه فتذوب فيها الأملاح وتتسرب معها في أعماق التربة بعيداً عن جذور النباتات، أو تصرف هذه المياه إلى خارج الحديقة إذا وجد نظام للصرف.
وتعتمد كمية المياه التي يجب إضافتها لمياه الري لغسل التربة على درجة ملوحة هذه التربة، والنظام المستخدم للري، ومصدر المياه، والظروف المناخية. فإذا كان مصدر المياه من شبكة مياه الشرب. فتتراوح كمية المياه الإضافية المطلوبة لغسل التربة بين 15 % إلى 20 % من المياه اللازمة للري في فصل الصيف و10%فيفصل الشتاء إذا كان النظام المستخدم للري هو نظام الرش. وإذا كان نظام الري هو نظام التنقيط فتكون كمية المياه الإضافية المطلوبة 15 % في الصيف و10 % في الشتاء.
أما إذا كان الري بالمياه الجوفية التي تحتوي على نسبة أعلى من الأملاح، فإن كمية المياه الإضافية اللازمة لغسل التربة تصل إلى 40 % من المياه اللازمة للري في فصل الصيف و30 % في فصل الشتاء إذا كان الري بالرش، بينما تصل تلك الكمية إلى 25 % من المياه اللازمة للري في فصل الصيف و15 % في فصل الشتاء إذا كان الري بنظام التنقيط.
ينصح بمراعاة ما يلي عند تركيب أنظمة الري والصرف المختلفة وتشغيلها: