المجمع السكني لموظفي وزارة الخارجية يمثل المملكة في جائزة مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب للمشروع الإسكاني
رشحت لجنة فنية في وزارة الأشغال العامة والإسكان، المجمع السكني لموظفي وزارة الخارجية الذي أقامته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ليمثل المملكة في جائزة مجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب للمشروع الإسكاني لعام 1990م وذلك بعد دراسة عدة مشاريع من قبل اللجنة كانت مرشحة لتمثيل المملكة في هذه الجائزة.
ويطرح المجمع بتخطيطه وتصميمه الذي يلتزم بروح الطابع المعماري والعمراني المحلي، حلولاً مبتكرة للعديد من القضايا المرتبطة بمشاريع الإسكان. فهو ذو تنسيق عمراني واضح وملائم اجتماعياً، كما أنه متجاوب مع الظروف المناخية والتضاريس، حيث أمكن تطويعها وإيجاد شكل جمالي متناسق يوفر الأمان والراحة عبر قسوة المناخ، دون التضحية بالخواص الوظيفية والمتطلبات السكانية المختلفة.
أقيم هذا المجمع لتوفير السكن الملائم لموظفي وزارة الخارجية المنتقلين من مدينة جدة إلى الرياض. ويقع بمنطقة المحمدية، شمال غرب مدينة الرياض، على أرض مساحتها 39 هكتاراً، ويطل على طريق الملك فهد من جهة الشرق ويحاذي شارع التخصصي من جهة الغرب.
وقد تم تصميم هذا المجمع وتهيئته بما يتوافق مع المتطلبات الاجتماعية والثقافية لسكانه، وإيجاد مرافق اجتماعية وثقافية وتعليمية وترويحية وافية باحتياجات جميع السكان على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم، مع الحرص على أن يكون التصميم متفرداً ومتميزاً، وإبراز السمات الثقافية والبيئية المميزة في الهياكل العمرانية، إضافة إلى توفير أكبر قدر ممكن من الخصوصية حماية لحرمة المنازل، وحمايتها من الظروف المناخية، وإعطاء السكان شعوراً بالراحة والاستقرار، من خلال المزج المتوافق بين الملامح البيئية وأسباب الرفاهية العصرية.
يضم المجمع مناطق سكنية تتباين في نوع الوحدة وحجمها والنمط العمراني، وتشكل هذه المناطق المخطط العام وتحدد بقية الخدمات العامة في المجمع السكني.
وكانت طبيعة الأرض من أكبر العوامل المؤثرة في توزيع الوحدات السكنية، التي تم توزيعها إلى فئات ثلاث على أساس اعتبار المركز الوظيفي ومستوى الدخل مع مراعاة حجم الأسرة والأسلوب المعيشي.
كما تم تحقيقاً للتنوع في التصميم والمظهر اعتماد 13 تصميماً للمساكن، وتتباين من حيث المساحة والاستخدام والمظهر الخارجي تبعاً للموقع والحجم. وقد صممت العمارات بمستويات ارتفاع مختلفة لتلائم تفاوت المنحدرات المقامة عليها.
وقد صممت الوحدات السكنية داخلياً بحيث تتوفر الإضاءة الطبيعية طوال النهار، وذلك من خلال قناطر خاصة تسمح بنفاذ الضوء منه دون أن تنفذ الحرارة.
وتم استخدام زجاج مزدوج للنوافذ يساهم في عزل الضوضاء الخارجية، ويخفف من نفاذ أشعة الشمس، كما أن المادة المستخدمة فيالحوائطالخارجية لها خاصية عزل الضوضاء والحرارة بشكل ملموس.
وقد هيئ المجمع بجميع المرافق العامة مثل المياه والكهرباء التي تتصل بشبكات المرافق الرئيسية التابعة للمدينة، إضافة إلى شبكة متكاملة للصرف الصحي وتصريف السيول، ومحطة لتنقية مياه الصرف لإعادة استخدامها في ري المحطات الخضراء داخل المجمع.
وتم توفير شبكة من المساحات الخضراء تتكون بصورة أساسية من مجموعة من المساحات المتفاوتة الأحجام والتنسيق والوظائف، وهي متصلة ببعضها البعض لتكون سلسلة من المناطق الترويحية التي تغطي المجمع السكني. وإلى جانب السمات التجميلية لهذه المساحات، فإن لها وظيفة اجتماعية رئيسية تتمثل في توفيرها مجالاً متميزاً للأنشطة الترويحية، كما أن قربها من المساكن يجعل من الممكن استخدامها كممرات للمشاة بين المناطق السكنية والمرافق المركزية.
وتمثل منطقة الحديقة العامة التي تمتد بطول 500م، وبعرض يتفاوت بين 50 إلى 60م أبرز المساحات الخضراء، حيث زودت بنباتات ملائمة لبيئة المنطقة ومناخها. وقد صممت هذه المنطقة على شكل واد تحف به من الجانبين مرتفعات بسيطة بحصى الوديان، ويخترق المنطقة طريق متعرج يستخدم كممر رئيسي بين المناطق السكنية ومنطقة المرافق العامة. وتضم هذه المنطقة 5 ملاعب للأطفال، منها ملعب مائي وثلاثة مراكز ألعاب على مقربة من المناطق السكنية، يتألف كل منها من ثلاثة ملاعب.
تحدث المهندس عبد الرحمن السري مدير برنامج التطوير العمراني في الهيئة عن مشروع إسكان موظفي وزارة الخارجية قائلاً:
يحلم المخططون والمصممون العمرانيون عند تخطيط المجمعات السكنية بأجواء المدن الإسلامية القديمة، حيث يعيش السكان في جو هادئ بعيد عن صخب الآلات العصرية، ويتمتعون بترابط اجتماعي، وبتوافق كبير بين المسكن والبيئة المحيطة به.
ويعكر صفو هذه الأحلام عادة عدة حقائق تتعلق بتوفير متطلبات الحياة العصرية لهذه المجمعات السكنية ابتداء بمتطلبات السيارة التي أصبحت عنصراً هاماً مؤثراً على التخطيط إلى الخدمات التحتية وتجهيزات الكهرباء والتكييف وغيرها.
وبالرغم من أن الأسس التخطيطية في معظم الأحيان تبدأ بدراسات تاريخية وتحليلات للمدن الإسلامية، إلا أنها في النهاية غالباً ما تنجح في تطبيق اليسير من المفاهيم والقيم الإسلامية في التخطيط.
ولعل هذا المشروع (إسكان موظفي وزارة الخارجية) يمثل قفزة جريئة في نجاحه في نقل كثير من هذه المفاهيم من حيز النظرية إلى حقيقة الواقع.