النهوض بقطاع الإسكان في مدينة الرياض ودراسة كافة المتطلبات اللازمة لإيجاد الحياة السكنية التفاعلية الإيجابية بين السكان في المدينة، هو أحد الأهداف الرئيسية التي انطلقت من خلالها الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لتنظيم سلسلة من ندوات الإسكان الدورية، تتخصص كل دورة منها بطرح محاور جديدة يتم عرضها ومناقشتها بمشاركة خبراء ومتخصصين من مختلف دول العالم؛ليتبادلواالمعلومات والتجارب والخبرات حول موضوع الندوة.
في ضوء ذلك ركزت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض — في ندوة الإسكان الأولى التي عقدت في الرياض في الرابع عشر من شهر محرم 1422 هـ – على تشخيص وضع الإسكان في مدينة الرياض والعوامل المؤثرة فيه، بينما تناولت الندوة الثانية – التي عقدت في الرياض في السادس من شهر صفر 1425 هـ – سبل تيسير المسكن وتوفيره لعائلات المستقبل في المدينة.
وامتدادا للجهد البحثي التراكمي المتواصل للنهوض بقطاع الإسكان، وبعد النجاح الذي حققته ندوتي الإسكان الأولى والثانية وفقاً للنتائج والتوصيات التي توصلتا إليها، تنظم الهيئة ندوة الإسكان الثالثة بمشيئة الله تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في الرياض في السادس من شهر ربيع الأول 1428 هـ، تحت شعار “الحي السكني…أكثر من مجرد مساكن” وتتخصص في سبل إيجاد بيئة سكنية جيدة، ومناقشة العوامل المساهمة في تحسين الأحياء السكنية وجعلها أكثر حيوية، وتقديم البحوث والدراسات العلمية التي تعمل على تطوير الأحياء القائمة، أو إيجاد أحياء جديدة من منظور عمراني واجتماعي وأمنى وبيئي وجمالي، والتعريف بنماذج لأحياء سكنية تلبي احتياجات السكان وتتفاعل مع المؤثرات البيئية والاقتصادية.
تعرف الحارة أو الحي السكني أنه تجمع سكاني يشترك في الخدمات المركزية والتجارية والتعليمية، والتي تكون ضمن مسافة قريبة من بعضها البعض بما يعزز الحيوية والنشاط والتواصل في الحارة السكنية.
ونظراً لكون التخطيط العمراني السليم العنصر الأساسي في دعم النواحي الاقتصادية والترابط الاجتماعي في الحي السكني، إضافة إلى تأثيره على الخصوصية والسلامة والأمن والنواحي الأخرى، فإن التخطيط العمراني السليم يتميز بتمتعه بالمرونة الكافية لاستيعاب التغييرات في التوزيع الديموغرافي المستقبلي وبتوافقه مع التخطيط الاقتصادي وتخطيط المرافق العامة من أجل تحسين نوعية الأحياء والحارات السكنية القائمة والمخططة.
وتواجه المدن الكثير من التحديات التي تؤثر على جودة ووظيفة وفعالية الأحياء والحارات، حيث تحتاج جل هذه الحارات إلى المراجعة والتقويم من أجل إيجاد طريقة تخطيطية حضرية مناسبة، وتشمل أهم قضايا تطوير الأحياء السكنية موضوعات:
تعد جودة البيئة السكنية مؤشراً على مستوى جودة الحياة، وتتطلب تنمية البيئة السكنية وتحسين مستواها، العناية بجودة الأحياء السكنية، ودعم الإحساس بروح المجموعة بين السكان، وتمكينهم من المشاركة في إدارة الحي والعناية به. فالوحدات السكنية منفردة لا تنتج بيئة سكنية جيدة، ولكن تتحقق البيئة الجيدة من خلال توافق التشكيل العمراني للأحياء مع الخصائص البيئية والمناخية، وتفاعله مع الاحتياجات الاجتماعية.
وتشكل الأحياء السكنية غالبية النسيج العمراني للمدن، لذا فإن خصائصها الإيجابية أو السلبية تؤثر بشكل واضح على هوية المدن. فحين تتدهور بعض الأحياء السكنية على مر الزمان، عمرانياً أو اجتماعياً، فإنها قد تصبح رمزا للفقر أو الجريمة.
وبالنظر إلى كون العديد من الأحياء في المملكة العربية السعودية، وفي مدينة الرياض بشكل خاص، تتبع التخطيط الشبكي الذي يدعم سيطرة السيارات، وزيادة سرعتها، ويشجع المرور العابر، الذي يعرض السكان لخطر الحوادث المرورية، في الوقت الذي تعانى فيه العديد من الأحياء من نقص الحدائق والساحات العامة وأرصفة المشاة، وعناصر الفرش الخارجي بالأحياء السكنية، الأمر الذى يقلل من حركة الشاة، ويجعل تواجد السكان في الفراغات العامة والمشتركة نادراً، ويزيد من حالة العزلة بين الجيران، ويقلل من فرص التعارف فيما بينهم، وينتج عن ذلك ضعف العلاقات الاجتماعية التي تنمي حس الانتماء بين سكان الحي الواحد.
كما نتج عن تغير وظائف بعض الأحياء، من السكني إلى التجاري أو المكتبي، عدم الاستفادة من البنى التحتية في هذه الأحياء، ودفع بالمدن إلى التوسع والتمدد من خلال الاستمرار في إنشاء أحياء سكنية جديدة على أطرافها بتكاليف باهظة، لتوفير الخدمات والمرافق وإيصال البنية التحتية، والتوسع في نظام النقل.
من هذا المنطلق تتيح ندوة الإسكان الثالثة الفرصة أمام الخبراء والمتخصصين من مختلف دول العالم، لتبادل المعلومات والتجارب والخبرات خلال الندوة حول العوامل المساهمة في تطوير الأحياء السكنية القائمة أو الجديدة، وجعلها أكثر حيوية، وسبل معالجة السلبيات والتحديات التي تواجه الأحياء السكنية نتيجة التغيرات التي طرأت على المدن من مختلف الجوانب.
إيجاد حياة سكنية تفاعلية إيجابية بين السكان في الحي السكنى، له متطلبات أساسية لابد من توافرها في الأحياء السكنية لجعلها أكثر حيوية، وتتجزأ هذه المتطلبات إلى عناصر عمرانية وأخرى اجتماعية وأمنية وبيئية وجمالية، إلى جانب أهمية تفاعل هذه المتطلبات مع المؤثرات البيئية والاقتصادية.
ولشمول كل هذه العناصر بالبحث والمناقشة واستلهام الأفكار والخبرات والتجارب الأجنبية الناجحة في هذا المجال، قسمت ندوة الإسكان الثالثة محاورها الرئيسية إلى أربعة محاور تحوي جوانب تخطيط وتصميم الأحياء السكنية الجديدة، وتحسين بيئة الأحياء السكنية القائمة، وتفعيل مشاركة السكان في الأحياء السكنية، وعرض تجارب وتطبيقات محلية وعالمية ناجحة في هذا المجال.
المحور الأول: تخطيط وتصميم الأحياء السكنية الجديدة
المحور الثاني: تحسين بيئة الأحياء السكنية القائمة
المحور الثالث: مشاركة السكان في الأحياء السكنية
المحور الرابع: تجارب وتطبيقات محلية وعالمية ناجحة
شهدت مرحلة التسجيل في ندوة الإسكان الثالثة، إقبالاً كبيراً من قبل المختصين من مختلف أنحاء العالم، حيث استجاب لدعوة الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض للمشاركة في الندوة ٢٨٦ مشاركاً من ٢٧ دولة قدموا ملخصات لبحوثهم العلمية المتخصصة، أو لتجاربهم العملية التطبيقية في أحد محاور الندوة، احتوت على أهداف المشاركة والنتائج والاستنتاجات الأساسية لها.
تزامن استلام ملخصات البحوث المرسلة للمشاركة في الندوة مع فترة التسجيل المبكر، واختارت اللجنة العلمية للندوة ١٩٥ ملخصاً ليتم استقبال بحوثها الكاملة وإدراجها في مرحلة التحكيم العلمي. وشكلت للإشراف على عملية التحكيم العلمي للبحوث لجنة مكونة من رئيس بدرجة أستاذ وعضوين من أعضاء هيئة التدريس من تخصصات العمارة والتخطيط العمراني. تتولى اللجنة مسؤولية المراجعة الأولية للبحوث، وترشيح أربعة محكمين تتوافق تخصصاتهم مع مجال البحث، حيث تخضع جميع البحوث العلمية المقدمة للندوة للتحكيم بأسلوب علمي من قبل محكمين في عدد من الجامعات السعودية والعربية والعالمية، وتحت إشراف اللجنة العلمية للندوة، وسيتم الإشارة في السجل العلمي للندوة إلى أنها بحوث علمية محكمة.
تتولى اللجنة العلمية للندوة في الهيئة حالياً متابعة عملية تحكيم البحوث، وتحديد البحوث التي سيتم قبولها وتضمينها في السجل العلمي للندوة، وكذلك التي سيتم عرضها في جلسات الندوة، واختيار المتحدثين الرئيسيين من داخل المملكة وخارجها، وذلك وفقاً لمعايير صارمة ودقيقة تتناسب مع أهمية الندوة وأهدافها والنتائج المؤملة منها. وستكون لغة النقاش في الندوة باللغة العربية مع ترجمة فورية باللغة الإنجليزية.
وفي الوقت الذي توجه فيه الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، دعوتها المفتوحة إلى جميع المختصين والمعنيين والمهتمين من كافة القطاعات الاقتصادية والهيئات المهنية والشخصيات الأكاديمية والاستثمارية المحلية والعربية والعالمية لحضور أعمال ندوة الإسكان الثالثة التي ستقام — بمشيئة الله — في مركز الملك فهد الثقافي بالرياض في السابع من شهر ربيع الأول ١٤٢٨هـ، توجه دعوات خاصة لحضور الندوة والمساهمة في إثراء مناقشاتها ومداخلاتها لكل من:
ولإتاحة كافة المعلومات الخاصة بالندوة، وتزويد المهتمين والمشاركين بتفاصيل سير العمل في الندوة، وتلقى الاستفسارات والمقترحات حولها، خصصت هيئة تطوير مدينة الرياض موقعاً خاصاً بالندوة على شبكة الإنترنت على الرابط:(www.housing3.org).