اتجه (المخطط الاستراتيجي الإقليمي لمنطقة الرياض) إلى إحداث تنمية متوازنة في منطقة الرياض، عبر توزيع الخدمات في المنطقة، ودعم مراكز نمو وطنية وإقليمية ومحلية تتوزع فيها الأنشطة والخدمات والمرافق كافة بشكل يتناسب وإمكانات واحتياجات كل جزء من المنطقة.
وضمن إطار اهتمامه بالأنشطة الاقتصادية والمكانية والاجتماعية والبيئيةفي المنطقة؛ دعم المخطط الأنشطة الصناعية من خلال وضع السياسات والإجراءات التي تساهم في توزيعها وانتشارها على مستوى المنطقة، على عدِّ هذا القطاع إحدى دعائم التنمية الإقليمية المقترحة في المخطط.
ومن هذا المنطلق طرح المخطط تنمية المدن الصناعية، بوصفها أحد عناصر برامج العمل الإقليمية التي تشكل برنامج «عمل عاجل» يطرح مبكراً من أجل تفعيل التنمية الاقتصادية في المنطقة.
وعلى ضوء ذلك تكاتفت جهود الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية والجهات المعنية؛ لتذليل الصعوبات واتخاذ الإجراءات والآليات الرامية إلى إنشاء مدن صناعية حديثة في مختلف أرجاء المنطقة، تكون بمثابة مدن اقتصادية تنموية تضم أنشطة اقتصادية متعددة.
أدت عملية التحضر في منطقة الرياض خلال السنوات الثلاثين الماضية إلى تركز السكان في المراكز الحضرية الرئيسية، حيث تستحوذ مدينة الرياض على ما يقارب 78 % من سكان المنطقة البالغ عددهم نحو 5.5 مليون نسمة، وقد أدى ذلك إلى حدوث عدم توازن في توزيع الخدمات والمرافق العامة وتوزيع القوى البشرية والوظائف على مستوى المنطقة.
وقد أدركت الخطط الخمسية للدولة هذا الأمر، وأكدت في استراتيجياتها اللاحقة على حفز التنمية الإقليمية على المستوى الوطني في مجالات النقل والطاقة والمياه والزراعة والصناعة وغيرها من المجالات، والحد من النمو في المدن والحواضر الكبرى.
فقد أكدت (الاستراتيجية العمرانية الوطنية) التي وضعتها وزارة الشؤون البلدية والقروية على هذا التوجه، وبدا ذلك جلياً في اتجاهها نحو تحقيق التنمية العمرانية المتوازنة على المدى البعيد بين مناطق المملكة، وداخل كل منطقة، وذلك من خلال عدد من السياسات التي تستغل بكفاءة التجهيزات الأساسية والمرافق العامة القائمة في هذه المناطق، وتوجيه وتدعيم التنمية في المجالات العمرانية والاجتماعية والاقتصادية للمدن المتوسطة والصغيرة.
أما (المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض) الذي أعدته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وأقرت نتائجه عام 1423 ه؛ فقد وضع استراتيجيات متعددة لمعالجة الوضع القائم والمستقبلي للمدينة، وأكد على ضرورة معالجة الهجرة إلى العاصمة من خلال تفعيل الخطط الوطنية والإقليمية، فضلاً عن كون المخطط قاعدة تخطيطية استراتيجية تستوعب جميع العوامل المؤثرة في نمو المدينة، سواء كانت منها الحضرية، أو العمرانية، أو البيئية، أو الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أو ما يتعلق بقضايا النقل والإسكان، أو متطلباتها من الخدمات والمرافق العامة، وذلك ضمن إطار استراتيجي تكاملي بعيد المدى، يضبط أداء هذه العوامل وفق رؤية شاملة وبرامج محددة، وآليات عمل تنفيذية فاعلة، وخطط تنفيذية تكاملية لجميع القطاعات العاملة في المدينة.
وقد نتج عن (المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض) رؤية للمدينة للأعوام الخمسين المقبلة، وإطار استراتيجي يتكون من خطط وسياسات للتنمية للأعوام الخمسة والعشرين المقبلة، وبرنامج تنفيذي للسنوات العشر المقبلة يشتمل على 58 برنامجاً تنفيذياً ذا طبيعة استراتيجية في مجالات تنموية محددة، تتولى تنفيذها الهيئة بالتعاون مع بقية الجهات العاملة في المدينة كل حسب تخصصه.
وامتداداً لمفهومها الشامل نحو التخطيط الاستراتيجي اتجهت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض إلى إحداث تنمية متوازنة في منطقة الرياض، من خلال وضع مخطط استراتيجي إقليمي للمنطقة، يهدف إلى تحقيق نمو متوازن فيما بين مدن المنطقة ومدينة الرياض وفق خطط وسياسات استراتيجية لمعالجة كافة الآثار السلبية التي تعانيها المنطقة، والتي تمثل عبئاً على مدينة الرياض نتيجة مضاعفة أعباء واحتياجات نمو المدينة.
وقد بدأ العمل في إعداد (المخطط الاستراتيجي الإقليمي لمنطقة الرياض) في المحرم عام 1426 هـ، حيث تم إنجاز المرحلة الثانية منه أخيراً، والتي عنيت بوضع البديل المفضل للتنمية «التصور النهائي لمستقبل منطقة الرياض حتى العام 1446 هـ – 2025 م».
ويرمي (المخطط الاستراتيجي الإقليمي لمنطقة الرياض) إلى تحقيق التوازن في التوزيع السكاني، وتوزيع الخدمات في المنطقة، والحد من الهجرة إلى مدينة الرياض، وما يترتب على ذلك من تكدس الأنشطة والخدمات فيها، وذلك من خلال إيجاد سياسات وإجراءات تحقق هذه الأهداف، وتوجد تسلسلاً هرمياً للتجمعات السكانية في المنطقة من خلال التأكيد على مبدأ مراكز النمو بمستوياتها كافة (الوطني، والإقليمي، والمحلي) التي تم التأكيد عليها في «الاستراتيجية العمرانية الوطنية» بشكل يتناسب وإمكانات كل جزء من المنطقة واحتياجاته.
تعد الأنشطة الصناعية من أبرز الأنشطة التي اعتنى بها المخطط الاستراتيجي الإقليمي لمنطقة الرياض، عبر وضع السياسات والإجراءات التي تساهم في توزيعها ودعمها على مستوى المنطقة، وذلك ضمن إطار اهتمام المخطط بالأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الأخرى كافة في المنطقة، وسعيه لتحديد أفضل البدائل لتوزيع هذه الأنشطة في المنطقة واستغلالها وتنميتها، ووضع برامج تنموية ومخططات هيكلية وبرامج تنفيذية لتلبية تطلعات المنطقة ومحافظاتها في هذه الأنشطة الحيوية.
ونظراً إلى كون قطاع الصناعة إحدى دعائم التنمية الإقليمية المقترحة في (المخطط الاستراتيجي الإقليمي لمنطقة الرياض)؛ جرى طرح تنمية المدن الصناعية في المنطقة، بوصفها أحد عناصر برامج العمل الإقليمية التي تشكل برنامج «عمل عاجل» يطرح مبكراً من أجل تفعيل التنمية الاقتصادية في المنطقة، وتحقيق أهداف المخطط.
وعلى ضوء ذلك جرى صياغة مذكرة تفاهم فيما بين الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، لتكون إطاراً لأعمال التنسيق والتعاون، بحيث تشمل الإجراءات والآليات كافة والتي تضمن التنسيق التام من اجل تفعيل التوافق بين أهداف التنمية الصناعية والاقتصادية لمنطقة الرياض.
يشهد القطاع الصناعي نمواً مستمراً على مستوى المملكة، ويعدُّ من أبرز القطاعات الإنتاجية المشاركة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، حيث وصلت نسبة مشاركته إلى أكثر من 10 % عام 1425 ه.
وقد تركزت معظم المصانع العاملة في المدن الكبرى من المملكة وفي المدينتين الصناعيتين في الجبيل وينبع. أما على مستوى منطقة الرياض فقد تركزت معظم الصناعات في مدينة الرياض، حيث استحوذت العاصمة على نحو 1195 مصنعاً وفقاً للإحصاءات الصادرة عام 1425 ه.
وتشير المعلومات إلى تلقي الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية أعداداً كبيرة من الطلبات لإنشاء مصانع مرخصة في المدن الصناعية القائمة، أو التي قيد الإنشاء أو التخطيط والدراسة، في ظل استيعاب المدن الصناعية القائمة لقدرتها الاستيعابية من المصانع، وتزايد الحاجة إلى إنشاء مدن صناعية مطورة جديدة في كل من مدينة الرياض ومنطقة الرياض، حيث قدرت نسبة الطلبات لإنشاء مصانع جديدة في منطقة الرياض بما يمثل 75 % من إجمالي الطلبات التي وردت إلى الهيئة في مناطق المملكة كافة.
يُعدُّ عدم توفر أراض لإقامة مدن صناعية جديدة إحدى أبرز الصعوبات التي تواجه الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، حيث تسعى الهيئة إلى توفير أراض صناعية متوفرة على جميع الخدمات التي يحتاجها رجال الأعمال والمستثمرين سواء كان ذلك فيما يتعلق بجانب البنى التحتية الرئيسية، أو بالخدمات والمرافق الرئيسية الأخرى.
ويتفق هذا التوجه مع الرؤية المستقبلية للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية المتمثلة في توفير مدن صناعية متكاملة الخدمات في كل مناطق المملكة، بما يجعل من هذه المدن مدناً ذكية مشمولة بالخدمات التعليمية، والترفيهية، والفندقية، والتجارية، والنقل، والاتصالات على أعلى المستويات، لا أن تكون المدن الصناعية مناطق منفرة تحوي «هناقر» للمصانع دون وجود للخدمات أو المرافق التي يحتاجها العاملون في تلك المدن.
على ضوء ما سبق تتعزز أهمية الإسراع في تأسيس المزيد من المدن الصناعية في منطقة الرياض؛ لاستيعاب الطلب المتزايد عليها، والمساهمة في توزيع الأنشطة الصناعية المتركزة في العاصمة ومحيطها، فضلاً عن فرص العمل والتدريب والعوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تعود على المنطقة من انتشار وتنوع توزيع المدن الصناعية في مختلف محافظات المنطقة.
وحالياً تشهد منطقة الرياض خطوات حثيثة لاعتماد وإنشاء مواقع صناعية جديدة تشمل كلاً من:
إلى جانب العديد من المحافظات الأخرى التي أبدت رغبتها واستعدادها لتوفير أراض صناعية إذا تطلب الأمر ذلك.
تعد مدينة سدير الصناعية، إحدى الدعائم الرئيسية لتشجيع وتوسيع القطاع الصناعي في منطقة الرياض، وما سينجم عن ذلك – بمشيئة الله – من عوائد على صعد التنمية المختلفة كافة.
وقد شهدت خطوات إنشاء المدينة الصناعية قفزات متتابعة، جعلت من ظهورها على أرض الواقع أمراً منتظراً في القريب العاجل بمشيئة الله.
ويمكن تلخيص سير العمل في إنشاء هذه المدينة الصناعية في العناصر التالية:
تقوم الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية حالياً بإعداد المخطط العام لمدينة سدير الصناعية وتصور الرؤية المستقبلية لها وأعمال الدراسات التسويقية بالتنسيق المستمر مع الجهات كافة ذات العلاقة من وزارات وصناديق تمويل ومؤسسات حكومية. ومن المتوقع الانتهاء من أعمال المخطط في منتصف العام الحالي 1429 هـ. كما يجري العمل على تأهيل مطورين دوليين تمهيداً للبدء في أعمال التطوير.
بهدف دراسة الآليات والسبل الفاعلة لتطوير المدينة الصناعية في سدير، وتعزيز سبل جذب القطاع الخاص إليها؛ شكلت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لجنة مشتركة مكوّنة من جميع الجهات ذات العلاقة شملت كلاً من: أمانة منطقة الرياض، وزارة المالية، وزارة التجارة والصناعة، وزارة النقل، مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية، الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، ومجلس منطقة الرياض، وذلك لبحث ودراسة الآليات والسبل الفاعلة لتطوير المدن الصناعية بالمنطقة، ابتداءً بمدينة الصناعية في سدير، وتعزيز سبل جذب القطاع الخاص إليها في ضوء توجهات المخطط الاستراتيجي الإقليمي لمنطقة الرياض.
وقد أقرت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض في اجتماعها الثالث لعام 1427 هـ، عدداً من التوصيات لتطوير مدينة سدير الصناعية لدعم سير العمل وانطلاق المشروع.
وانطلاقاً من تطوير مدينة سدير الصناعية بوصفها مشروعاً تنموياً إقليمياً رئيسياً؛ أقرت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض ما توصلت إليه لجنة فنية مشتركة مكوّنة من كلٍّ من: الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، والهيئة العامة للاستثمار، والغرفة التجارية الصناعية في منطقة الرياض، والهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية؛ لوضع رؤية مستقبلية لتطوير مدينة سدير الصناعية تستند إلى المزايا المتعددة التي يتميز بها الموقع، وما تضمّنه المخطط الإقليمي لمنطقة الرياض من توجهات لحفز التنمية الإقليمية في المنطقة، حيث أوصت اللجنة بأن يخصص للمنطقة الصناعية في سدير مساحة 100 مليون متر مربع من مساحة الأرض الكلية، ويجري وضع مخطط هيكلي عام للمدينة الصناعية، فيما يخصص الجزء المتبقي من الأرض لتطويره بوصفه مشروعاً اقتصادياً تنموياً آخر يضم أنشطة اقتصادية متعددة.
وسجري وَفْقاً للمخطط الهيكلي تقسيم المدينة إلى مناطق مختلفة تجارية وتقنية وسكنية وترفيهية وتعليمية وصناعية، وصولاً إلى بناء مدينة مستقبلية من الطراز المتقدّم على مستوى التكنولوجيا تحتوي على صناعات متطورة وغير تقليدية.
كما وقّعت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية عقداً لإيصال الخدمات الكهربائية إلى المدينة الصناعية مع الشركة السعودية للكهرباء، في الوقت الذي يجري فيه البحث مع وزارة النقل لإيصال خدمات الطرق والجسور لربط المدينة بالطرق المحيطة بها.
كما وقّعت الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية – أخيراً – عقداً مع إحدى الشركات الاستشارية لتقديم خدمات استشارية تشمل: تطوير وثيقة تأهيل اتحاد الشركات التي سوف تقوم بتطوير مدينة سدير الصناعية، وتطوير وثيقة المنافسة على تطوير المدينة، وتحديد المعايير اللازمة لتكون مدينة حضرية متكاملة الخدمات، إلى جانب المساهمة في التسويق والتعريف بالمدينة.
ويساهم ذلك في تقليص العامل الزمني للبدء في المشروع، بحيث يكون اختيار المطور القادر والمناسب لأعمال تطوير المدينة متزامناً مع الانتهاء من المخطط العام.
ومن المؤمل أن يخلق مشروع إنشاء مدينة سدير الصناعية فرصاً وظيفية كبيرة للمواطنين في المنطقة، وأن يجذب استثمارات كبيرة في مجالات اقتصادية وصناعية وتعليمية وخدماتية بمستويات عالمية.
امتداداً لرؤية كلٍّ من (الاستراتيجية العمرانية الوطنية) و(المخطط الاستراتيجي الإقليمي لمنطقة الرياض) الرامية إلى تحقيق تنمية متوازنة على المدى البعيد بين أجزاء المناطق، من خلال توجيه التنمية للمدن المتوسطة والصغيرة؛ جاء القرار بتأسيس مدينة صناعية في محافظة الخرج لتكون بمنزلة نقطة انطلاق لقيام صناعة متنوعة وحديثة في محافظات جنوب منطقة الرياض، وتساهم في رفد الاقتصاد الوطني بالمنتجات والصناعات الأساسية، فضلاً عن مساهمتها في توفير فرص عمل كبيرة لأبناء المحافظة، واستقطابها لاستثمارات كبيرة من داخل المملكة وخارجها.
وتتلخص خطوات سير العمل في مشروع إنشاء المدينة الصناعية في محافظة الخرج في العناصر التالية: